Donnerstag, Januar 18, 2007

"تحرير الشعوب لا بد وأن يمر بتحرير المرأة"

بقلم سامي البحيري

عندما كنا أولادا صغارا نلعب في حواري الأحياء الشعبية بالقاهرة ، كان من أكبر الفضائح أن يعرف أحد الأولاد أسم أمي ، لأنه كان من شأنه أن يحولني إلي أضحوكة بين أقراني ، وبدلا من أن ينادوني بأسمى "سامي" ، فسوف ينادوني "يا ابن فلانة!!" ، وأذكر أن حظي العاثر قد مكن أحد الأولاد من معرفة أسم أمي عن طريق والدته ، وبدأ حملة شريرة لابتزازي فكان يقتسم معي سندويتش المدرسة ، وأحيانا كان يقتسم معي مصروفي اليومي المتواضع ، وظل على هذا الحال حوالي سنة كاملة ، حتى استجاب الله لدعائي وتم نقل والده للعمل خارج القاهرة ، وقد سافر مع أسرته ومعه السر المصون إلا وهو "أسم أمي" ، وأنا حتى الآن لا أجرؤ على ذكر أسم أمي (رحمها الله) في هذه المقالة خشية أن تغضب علّى في الاخرة .

وبين عامي 1994 & 1995 كنت في معسكر جبإليا بقطاع غزة أقوم ببناء مساكن للمواطنين الفلسطينيين وكانت ممولة من الحكومة الأمريكية كباكورة للمشروعات التي كان من المفترض أن تستمر بعد اتفاقية أوسلو ، وكان هناك كثير من التفاؤل في أوساط الفلسطينيين والإسرائيليين ، وكان علينا الاستعانة بالعمال والمقاولين المحليين بغزة ، وتعرفت بمقاول أسمه "أبو حمدي" ، وجاءني "أبو حمدي" يوما يسألني : ما هو أسم أبوك؟ ، فقلت له : أسمه أحمد ، فقال لي : من هنا ورايح سوف نناديك يأبو "أحمد" ، فقلت له : لماذا ؟ فقال : أنا أعرف أنه ليس لديك أولاد ، لذلك جرت العادة بين الفلسطينيين وأهل بلاد الشام أن ينادون الشخص الذي لم ينجب أولاد بكنية أبيه . فأعترضت قائلا : أنا أفضل أن تنادينى بأسمى المجرد "سامي" . فقال لي : مايصحش" ياباشمهندس" ، لا بد أن نناديك يأبو أحمد . فقلت له: أن كان ولا بد أن تناديني بأبو" حاجة" فأنا أفضل أن تناديني باسم ابنتي الكبرى "سارة" ، فتغير وجه" أبو حمدي" فجأة وقال : يعنى" ياباشمهندس" عاوزني أناديك "يأبو سارة" ؟ فقلت له: أيوه ولى الفخر كمان . (رغم أنني لم أتخلص من عقدة أسم أمي بعد!!) ، فقال: ياباشمهندس ما يصحش أحنا عمرنا ما ننادى أحد باسم بنته ، البنات دول حرمة . فقلت له: يا سيدي أنا موافق ، أنت مالك ، قل لى يأبو سارة . فقال لي: أنت حر أنا سأناديك يأبو سارة في وسط المشروع وفي وسط العمال . فقلت له : ولا يهمك . وطبعا" أبو حمدي" ما كذبش خبر ، وبدأ على الفور بمناداتي :"يأبو سارة" في وسط موقع العمل ، وما أن نادي على بصوت عال "أبو سارة" حتى توقف العمل في الموقع وبدأ الكل ينظر باستنكار تجاه المنادى والمنادى عليه ، فشخط فيهم "أبو حمدي" قائلا: "كل واحد يرجع شغله ، الباشمهندس مبسوط من لقب" أبو سارة"!!

وأنا أعرف أيضا أن في بعض بلاد الخليج عندما يريد الرجل أن يتكلم عن زوجته يبدأ الحديث قائلا: " الله يعزك الأولاد في البيت .... كذا .....كذا " تماما مثلما يتكلم عن حذائه قائلا : "الله يعزك إعطني المداس " !! وفي بلاد الشام عندما يتكلم الرجل عن زوجته يقول : "المرة" بدون ألف الهمزة وبفتح الميم والراء ، أما في مصر فقد حدث تطور كبير فبعد أن كان يطلق على الزوجة لقب "الجماعة" أخذت لقب "المدام" بدون ذكر أسمها صراحة.

وخلال قرأتي للسيرة النبوية فأنني أقرأ كثيرا عن نساء العرب والصحابة فيقال: "فلانة بنت فلان وكانت تحت عبادة بن الصامت" أي أنها زوجته (يعنى تحته بالمفهوم الجنسي) !!

وكل هذه المظاهر المثيرة للضحك والرثاء ، أنما هي مظاهر جاهلية وتعتبر بمثابة وأد نفسي للبنات ، لأن الرجال العرب لا يطيقون أن يكون لبناتهم أو لزوجاتهم وجود خارج البيت. وقد كنت مرة أصلى الجمعة في أحد مساجد الوهابيين ، وكانت خطبة الجمعة كلها مركزة على أن : المرأة لا تخرج من باب البيت إلا مرتان : مرة من بيت أبوها إلي بيت زوجها والأخرى من بيت زوجها إلي القبر !!

ومرة قال لي أحد المتمسحين بالدين :" أن المرأة ما هي إلا وعاء يفرغ الرجل فيه شهوته "!! وطبعا قد تقززت من التعبير ، وكنت أعرف أسرته ، فأجبته قائلا: "أيه رأيك لو أنقل الرأي ده للسيدة والدتك وللآنسة أختك ؟" فصمت ولم ينبس بشفة .

ورغم حدوث تطور كبير في النصف الثاني من القرن العشرين في النظرة إلي المرأة العربية ، إلا أن جحافل الجاهلية ما زالت ترغب في أن تعود المرأة إلي البيت كخادمة ومربية ووعاء للشهوة . ومازالت بعض البلدان لا تسمح بسفر النساء بدون "محرم" حتى لو كان ولدها الصغير ، وفي هذا أبلغ إلاهانة للمرأة ، فقديما كان السفر من مكة إلي المدينة على ظهر الجمال يأخذ أياما ، وكانت القوافل تتعرض للنهب والاغتصاب والقتل من قطاع الطريق ، لذلك كان من الطبيعي أن يرافق المرأة رجلا من محارمها حماية لها من أشرار الطريق المرهق والطويل ، أما اليوم فتسافر المرأة من بلاد العرب إلي بلاد الإنجليز على متن طائرة بها ما لا يقل عن مائتي مسافر ، ثم تهبط في مطار به آلاف من المسافرين ورجال الشرطة ، فمم نخاف عليها ؟ هل من الممكن أن يغتصبها شخص على متن الطائرة ؟ أم على أرضية المطار ؟!!

ومازالت المرأة ممنوعة من قيادة السيارة بالسعودية ، وفي نفس الوقت يسمح للسائق "غير المحرم" بأن يقودها إلي الأسواق وخلافه ، بدون خشية "أن يكون الشيطان ثالثهما" .

كما أن كثيرا من البلاد العربية لا تسمح بسفر الزوجة بدون موافقة خطية من زوجها ، وكأنها جارية قد أشتراها من أبوها .

حتى مهر المرأة ما هو إلا رمز للجاهلية والعبودية والجواري . وكلما بولغ في المهر فان هذا يؤكد أن المرأة جارية تباع وتشترى ، حتى أنها إذا أرادت أن تخلع من زوجها فلا بد عليها أن تشترى حريتها برد المهر والهدايا لزوجها مرة أخرى .

ومازلنا نرى التفرقة البغيضة بين تربية الولد وتربية البنت ، فالولد مصرح له بأن يفعل ما يشاء ، ولو عرف والده أن له علاقات نسائية حتى لو كانت علاقات مع بائعات الهوى ، فأنه يبتسم موبخا :" ما يصحش كده يا ولد ، أنتظر حتى الزواج " ، بينما يقول لأصحابه في المقهى بفخر : "الولد طالع عفريت وخلبوص زى أبوه ، داير على حل شعره " . أما إذا عرف أن أبنته قد تعرفت إلي شاب في الدراسة ، فأنها سوف تتعرض لأقصى العقوبات الجسدية والنفسية ، ابتدءا بتهديدها بحرمانها من استكمال تعليمها ، وإنتهاءا بالقتل كما يحدث في بعض الأماكن البدوية والقرى النائية ، ولم لا فالبرلمان الأردني مرر قانونا يخفف العقوبة على قتل ما أسماه "بقتل الشرف" . وكأن للبنت شرف ، ولا شرف للولد .

وسواء أردنا أو لم نرد فالمرأة أكثر من نصف المجتمع ، وهذا ليس كلاما سياسيا وإنما إحصائيات ، ففي معظم دول العالم يبلغ تعداد النساء حوالي %51 من السكان . فتجاهل نصف المجتمع أو معاملته بمعايير مزدوجة لا يجلب إلا الفشل على تلك المجتمعات .

المرأة هي أمك وأختك وأبنتك وزوجتك وحبيبتك ، والمرأة هي الحياة لأنها تحمل في داخلها كل حياة لطفل وليد ، وهي العذوبة والرقة والحب والشاعرية ، معظم الشعر الذي كتب عبر التاريخ كتب في المرأة .

وبدون الحرية الكاملة للمرأة فلا يوجد هناك أمل حقيقي للتقدم أو القضاء على الفقر والجهل والمرض والبطالة ، فالمجتمع الذي لا يعطى الحرية الحقيقية للمرأة والمساواة الكاملة بالرجل ، سيظل مجتمعا أعرج يمشى على ساق واحدة .

نريد للمرأة حرية حقيقية بدون قيود ، إلا قيود القانون مثلها مثل الرجل ، لا نريد حرية تليفزيونية شكلية، يجب أن نحارب الأفكار الجاهلية التي ما زالت تبيح "وأد البنات " وأدا نفسيا وأحيانا جسديا .

المرأة الحرة سوف تعلم أولادها الحرية ، والمرأة الجارية لا تستطيع لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، أن اعتبار المرأة عورة : اسمها عورة ، صوتها عورة ، جسدها عورة ، لا يتأتى إلا من مجتمع الذكور المهوسين بالجنس ، ومجتمع رجال لا يمارس الجنس إلا في خياله ولا يعرف من الحب إلا القليل، حتى بعد الزواج يمارس معظم رجال الهوس الجنسي الجنس بدون حب حقيقي . وإذا أضفنا إلي موضوع العورة أنهن "ناقصات عقل ودين" ، فان القضاء على المرأة قد تم بمقتضى التفاسير العتيقة للنصوص ، والأخذ بالنصوص المقررة وليس بروح تلك النصوص ، وبغض النظر عن مبررات وأسباب تلك النصوص.

وأحمد الله أنني قد أنجبت البنات ، وبأنني قد نجيت بهن في سفينة نوح في بلاد الفرنجة ، حتى يبعدون عن مجتمع الذكور المهووسين جنسيا في بلادنا الجميلة !!

سادة العالم وحثالته

بقلم د. عمرو إسماعيل

عندما أزور دولا غربية خاصة ألمانيا و بريطانيا..أو عندما أشاهد اجتماعا لقادة الدول الثماني G8 لمناقشة مشاكل العالم ومن أهمها مشاكل الشرق الأوسط من فلسطين إلي العراق إلي الشرق الأوسط الكبير الذي سيحدد مستقبل المنطقة إلي عقود قادمة... لا يسع المتفرج مثلي إلا أن يلاحظ أنهم الآن سادة العالم.. رغم أنهم إلي وقت قريب كانوا أعداء.. ما لذي جمع بينهم وجعلهم الآن سادة العالم ويتشاورون معا لتحديد مصير ومستقبل الإنسانية.
ماذا يجمع بوش وبوتين رغم أن روسيا وأمريكا كانا في صراع إلي وقت قريب.. ماذا يجمع بين قادة ألمانيا واليابان وقادة باقي المجموعة.. رغم أن ألمانيا واليابان كانا حلفاء في الحرب العالمية الثانية ضد الجميع ودمرت بلديهما علي أيدي الحلفاء الذين تقودهم أمريكا.. واليابان هي البلد الوحيد في العالم التي ذاقت رعب السلاح النووي علي يد أمريكا.
الشيء الأساسي الذي يجمع بين قادة هذه الدول الثماني أنهم كلهم منتخبين من شعوبهم.. وأن كل منهم لا يضمن منصبه في الانتخابات القادمة إلا أذا حظي برضاء شعبه.. الشيء الأساسي الذي يجمعهم انهم خدم لشعوبهم.
عندما كان حاكم الاتحاد السوفيتي لا يهمه سوي رضاء اللجنة المركزية للحزب الشيوعي لم يكن مشاركا في تقرير مصير العالم.. عندما كان حكام اليابان وألمانيا أشباه آلهة، جروا شعوبهم إلي الدمار.. ثم نجد الآن أنهم يشاركون المنتصرين قمة تحديد مصير العالم.
ما هو السبب؟ لماذا تحولت الهزيمة في ألمانيا واليابان إلي تقدم وازدهار اقتصادي و حضاري رشحهما ليكونا في قمة الثماني.
أن الإجابة بسيطة ولكننا لا نستطيع أن نراها في العالم العربي.. فالعقل العربي يعاني من محنة ولا يستطيع أن يري إلا أوهامه.. وهي نفس الإجابة عن السؤال المنطقي لماذا تهزمنا إسرائيل دائما.
الإجابة هي ما أدركته روسيا وألمانيا واليابان.. أن الذي انتصر ليس أمريكا ولا بريطانيا ولا حلفاؤهم ولكن الذي انتصر هو نظامهم السياسي.. الذي انتصر هو مفهوم أن الحاكم هو خادم لشعبه.. لا يصل إلي السلطة إلا من خلال رضي شعبة و لا يبقي في منصبه إلا من خلال أرضاء شعبه.
حقيقة بسيطة ولكننا لا نستطيع أن نراها.. حقيقة لا تستطيع شعوبنا قبل حكامنا أن تعيها ولذا سنظل شعوبا و حكاما خدما للعالم وسيرمينا التاريخ في سلة قمامته.
تعلو أصوات عباقرة مثقفينا الذين يدعون الوطنية ويتاجرون بالقومية قائلين:.. نرفض الديمقراطية التي تفرض علينا من الخارج
.. وأقول لهم ألا تعون.. لقد قبلت ألمانيا واليابان بالديمقراطية التي فرضت عليهما بالقنابل النووية.. وها نحن نراهم الآن أصبحوا جنبا إلي جنب أمريكا سادة العالم.. لماذا لا نعي أن الديمقراطية سواء فرضت من الخارج أو الداخل هي السبيل إلي التقدم والتحول من خانة الخدم إلي خانة السادة...

ويعلو صوت التخلف داخلنا الذي أدمناه.. ماذا عن تراثنا و هويتنا وثقافتنا.. والعالم يضحك علينا.. فنحن في طليعة الدول المتخلفة في العالم التي مازال الحاكم هو السيد و الشعب هو الخادم.. العالم يضحك علينا عندما نهتف بالروح والدم نفديك يا حاكم.. والحقيقة أن سادتنا،، اقصد حكامنا،، هم مجرد ضيوف شرف يسمح لهم بالحضور في أي اجتماع دولي كما حدث مؤخرا في الأمم المتحدة.. لكي يتلقوا الأوامر من السادة الحقيقيين الذين هم مجرد خدم لشعوبهم.
أن شارون تسول خطته للانسحاب أحادي الجانب من حزبه و حكومته و شعبه.. ولذلك إسرائيل يحترمها العالم ويتركها لكي تمرمط بكرامتنا الأرض.. لماذا ؟ لأن شعوب العالم الحر لا تحترم العبيد أو بالأصح الشعوب التي ترضي بالعبودية لحكامها.. وعندما تثور تطالب بعبودية اشد.. ليست العبودية لله كما يدعي البعض ولكن العبودية لمن يدعي التحدث باسم الله.
مازال منا من يهتف لصدام ويسميه الرئيس المأسور فك الله أسره و مازال منا من يقتل تأييدا للشيخ بن لادن الهارب في كهوف تورا بورا.
مازال منا من يستنجد بصلاح الدين وابن الخطاب رغم أن القرون تفصل بيننا وبينهم،، وأقول لهم جميعا فلتهنئوا بأوهامكم وسادتكم وأبطالكم من حكام ماركة مدي الحياة ومتعطشي دماء.. وستظلون خدما لسادة ارتضوا أن يكونوا خدما لشعوبهم.

Sonntag, Januar 07, 2007

نكت على صدام حسين

بينما كانت سجودة زوجة صدام تسوق سيارتها برعونة وكأن الشارع ملك اللي خلفها صدمت سيارة موظف بسيط وحطمتها‚ نزل المسكين وهو لايعرف هذه السائقة الرعناء‚ وبدأ يشتم كل من أعطاها رخصة للسياقة وسلمها سيارة لتؤذي الناس بها. فصاحت سجودة به وطلبت أن يسكت وقالت له ولا كلام هذا رقم تلفون زوجي وأتصل به لكي يقوم بتصليح سيارتك. وفي الصباح أتصل الموظف المسكين بالزوج وقص عليه حكاية الزوجة والحادثة نتيحة لسرعتها وتهورها. قال صدام: أنت غير مؤدب مع زوجتي وتستحق العقاب‚ هل تعلم من الذي يكلمك؟ قال الرجل لا ومن تكون؟ فصاح أنا صدام حسين. أرتبك الرجل ذو الحظ التعيس وسأل بصوت أكثر حدة وأرتفاعا‚ وهل أنت تعلم من أنا. فقال صدام ومن تكون؟ تنفس الرجل الصعداء وقال الحمد لله ثم وضع سماعة الهاتف بسرعة.
في أثناء الحرب العراقية الأيرانية أتى كبار ضباط صدام وقالوا له: سيدي تره الناس دتسأل وتكول ليش عدي أبن صدام لم يشارك في جبهات القتال كباقي العراقيين؟! صاح صدام على الحماية وطلب منهم أحضار عدي فورا. جاءوا بعدي على عجل فسأله صدام بعصبية: أبني كوول أربعة. أجاب عدي: أغغغغغغغغغغببببععة لعدم مقدرته لفظ حرف الراء. فألتفت صدام لضباطه وقال: حاسديني على هذا المعوق!
تعريف البعثي العراقي : هو كل شخص قرأ مقررات المؤتمر القطري الثامن للحزب. تعريف الغير البعثي : هو كل شخص عراقي قرأ مقررات المؤتمر القطري الثامن وفهم معناها.
يحكى أن جثة صدام (عجل الله في منيته) أخذوها للتغسيل قبل الدفن. وبينما كان أثنان منهم منهمكين بعملهم ويتصبب العرق من أجسامهم لشدة الحر‚ قام ثالثهم وفتح الشباك. هبت نسمة عليلة فصاح الله اشلون هوا طيب أيرد الروح. فصرخ الأثنان معا يامعود ارجوك سد الشباك لايروح يحتي هذا المجرم.
في أحد الايام بعد حرب أم المهالك وبعد سنين من حصار صدام والغرب القاسيين‚ كان هناك رجل يترنح قهرا وجوعا في شارع السعدون أحد شوارع بغداد الرئيسية ويلبس ملابس رثة بالية يؤشر على سترته المهترئة ويصيح بأعلى صوته الله أيساعد امريكا... الله أيساعد امريكا. وعندما طوقوه رجال الآمن والمخابرات وسئلوه ماذا تقصد ب الله أيساعد امريكا؟ فأجابهم اذا أحنا أنتصرنا بالحرب وصار بينا هذا الحال فشلون حال امريكا التي خسرت الحرب كما يقول الريس!
نصب صدام نفسه (كما جرت عليه العادة) مسؤولا لحل كافة النزاعات العشائرية والفصل في قضايا الثأر. في أحد الايام عندما كان صدام يجلس دار قضاء الخصومات والفصل مع أحد وزراءه المعروفين بالغباء الشديد‚ عزت الدوري‚ دخل عليهم شخص وقال سيدي أنا تميمي وقد قتلت ثلاثة من عشيرة المشاهدة لقد جلبت معي فلوس طالبا من سيادتكم مساعدتي. ساله صدام ثلاثة فقط؟ فأجاب نعم. أمره صدام بان يضع مليون دينار في الصندوق ويخرج. ففعل الرجل. بعد نصف ساعة جاء للمجلس شاب جبوري وقال سيدي قد قتلت ثلاثة من شمر. فأمره صدام بوضع مليون دينار في الصندوق. ففعل. ذهب صدام المرحاض ليقضي حاجة وبقي عزت الدوري لوحده. فأتى رجل وقال أرجو مساعدتي فقد قتلت أثنين من اهل الدور. فكر عزت مليا وقال أذهب وأقتل واحد أخر ليصيروا ثلاثة ثم تعال لتضع مليون دينار في صندوق الريس!
يتندر العراقيون في حادثة حقيقية عندما سألت المذيعة الحسناء المطرب سعدي الحلي في احدى المقابلات الفنية عن الشعارات والمقولات الوطنية التي يفضلها. فأجابها الحلي‚ وهو المعروف بشذوذه الجنسي ومن اللواطين‚ قائلا : أن أقرب شعار الى نفسي هو كلنا جنود خلف القائد صدام حسين؟!
أستدعى صدام أقزامه الوزراء وكان في حالة عصبية. وعندما دخلوا القاعة صاح بهم: من يبدأ أسمه بحرف الطاء فليجلس ليلقي جزائه أما الباقين فليخرجوا فهم أمنين . بقي في القاعة كل من طه ياسين الجزراوي وطه محي الدين معروف وطارق عزيز وعزت الدوري. صرخ صدام بوجه الدوري وهو المعروف بشدة غباءه : أنت ليش باقي؟ ليش أسمك يبدأ بحرف الطاء؟ فأجاب عزت بصوت خافت: لا سيدي بس جنابك دائما أتدللني وتسميني طرطور.
في يوم ما شاهد صدام في الحلم جعفر النميري وهو يحضنه. فز صدام من نومه مستغربا لسبب ظهور النميري في حلمه من دون أي سابقة جمعتهم معا. صرخ أبن العوجة صدام بحمايته وطلب جلب أبرع مفسري الاحلام. جاءوا له بمفسر أحلام أسطه مشهود له بتبصره في عالم الروحانيات وعالم ما وراء الطبيعة. فعندما سمع قصة الحلم عجز عن تفسيره. كذلك الحال مع كل المفسرين فقد عجزوا عن تفسير هذا الحلم الغريب. قرر عزت الدوري المعروف بغباءه مساعدة رئيسه في تفسير حلمه. طلب الدوري من صدام أن يسنح له الفرصة لتفسير حلم قائد الضرورة وخصوصا أنه تلميذ نجيب لصدام في حملته الايمانية الاخيرة. قص صدام الحلم على عزت الدوري بعد ألحاح وتوسل الاخير. سأل عزت رئيسه وقد بدت عليه علامات الثقة والارتياح: سيدي بلا زحمه كان الأخ النميري حاضنك من وره لو من كدام؟ صرخ صدام وقال لعزت أنجب (أخرس) يا ادب سز (يارقيع)‚ أنت فسر الحلم بالحالتين وأنا سأختار ما يناسبني. نعم سيدي ‚ وأستطرد عزت قائلا: سيدي اذا كان جعفر النميري حاضنك من الامام فهذا يعني سيعطيك السودان كلها وأن حضنك من الخلف فسيعطيك الخرطوم كله!
جرى غزال بسرعة محاولا عبور الحدود العراقية خارجا. سأله أرنب الى أين مسرعا؟ قال رحماك ربي من قرار صدام في تجنيد حيوانات الحمل كالحمير والبغال وما شابههم لجبهات القتال. قال الأرنب: لكن القرار واضح ولايشملك‚ فأنت لست من حيوانات الحمل. تنهد الغزال المسكين وقال: ادري حبيبي أنت‚ بس تعال فهم رئيس اللجنة المطي أبن المطي البعيد عزت الدوري اللي يركض وراءي ويصيح أنت مشمول بالقرار وتنطبق عليك فقرة وما شابههم!
قرر صدام في يوم لم يعرف له سر تبديل نظام حكمه من ديكتاتوري شمولي الى ديمقراطي تعددي. جمع صدام خرافه من الوزراء وأعضاء مجلس قيادة الدولة وأبلغهم بالقرار الجديد. أبدى كل أزلامه أمتعاضا وأعتراضا على التحول الى الديمقراطية وقالوا مسترحمينه : ياسيدي عدل بدل أحنا مرتاحين بالدكتاتورية والشعب أتعود على المذلة والقهر ودا نمشي الشعب مثل ما أنريد وماكو دوخة راس ولا قال وقيل. أصر صدام <ألحاحا> وقال هذا قراري الاخير وبما أنني مقبل على الحكم الديمقراطي خلي أنسوي تصويت وكل واحد يبدي رايه وهو حر أمن. طلعت نتيجة التصويت وتم أرسالها لوكالة الانباء العراقية لنشرها في الاخبار. وفعلا تم نشر الخبر في الاذاعة حيث قال المذيع: بعد فرز الاصوات تقرر التحول الى النهج الديمقراطي ذلك بعد فوز الجانب الديمقراطي بأغلبية صوت واحد ضد عشرين صوت. وليخسئ الخاسئون!
يسكن احد أبناء العراق المسحوقين في بيت من الصفيح قرب النهر. يسعى الرجل لكسب قوت عائلته بمشقة. فهو موظف بسيط صباحا وسائق أجرة بعد الظهر وحرسا خافرا بعد منتصف الليل. أما بين أوقات العمل فيلقي سنارته ليصطاد من النهر طعام عياله اليومي. شاء سوء الطالع أن يبخل النهر بالطعام لعدة أيام على هذا الرجل وعائلته المسكينة. وبدأ الجوع يقرص بطون صغاره الخاوية ألما. دعا الرجل ربه‚ والله رؤوف رحيم بحال الفقراء والمساكين‚ ليرزقه بسمكة تتعلق بشصه ولتهون عليهم سياط الجوع التي نالت منه كذلك. سبحان الله رب البؤساء والمظلومين ‚ لم تمضي لحظات واذا بسمكة كبيرة تعلق في سنارته. سحبها فرحا وركض بها للبيت مبشرا أهله بالطعام. صاح على زوجته: أنظري أنظري لهذه السمكة ستكفينا ثلاثة أيام. أقليها بالدهن والكاري. ردت عليه بحسرة: ما عندنا لا دهن ولا كاري. فقال بلهفة: طيب أسلقيها بالماء والملح. السمك المسلوق صحي ولذيذ بنفس الوقت. تنهدت قليلا وقالت بمرارة: صار لنا أسبوعين بلا غاز لأن لايتوفر حاليا في محطات التعبئة ولانملك أصلا ثمن تبديل قنينة الغاز. بدأ الغيض يدب في عروق الرجل ذو الحظ السيء وأبصار أولاده تتناقل ما بين السمكة التي تصارع الاختناق ببسالة وبين ما ستنطق أفواه الأبوين من حل ليوقف أنين أمعائهم الخاوية. فبادر الرجل قائلا بحماس: نشويها. نعم لنشويها على الفحم ما ألذ السمك مشوي على الفحم. أجابت الزوجة وتكاد الدموع تنهال من عيناها: صار ستة أشهر ما قادرين نشتري فحم وأنت تعلم ذلك. تقطعت السبل بالرجل وأيقن أن ألهة الطعام لن تحرس أولاده الجياع وهو ينظر الى السمكة الكبيرة وهي تتلوى بجأش وأباء. قرر أعادتها الى النهر فلعل يصطادها أخر من أبناء وطنه أوفر حظا منه ولتفترش مائدته. ألقاها في دجلة الخير وأبصاره لم تفارقها. غطست وانتشت عنفوانا ثم ظهرت للسطح برشاقة وصاحت السمكة يعيش صدام حسين!
في أحد رياض الأطفال في بغداد‚ قالت المعلمة : أعزائي الحلوين العراق جنة الله في الأرض ‚ غنية بالأكل والماء العذب وكل البضائع اللي يحتاجها ماما وبابا. وكل الاطفال فرحانين تغني وتلعب ويروحلهم بابا صدام ينطيهم نستله وجكليت ولعابات حلوة. وفجأة سمعت المعلمة بكاء طفلة في الصف. سألتها: هاي شبيج حبيبتي ليش دتبجين؟ جاوبتها الطفلة وهي تبكي: الله يخليج ست ‚ عفيه وديني للعراق!
في أحد مؤتمرات الأنواء الجوية العالمي بدأت الوفود المشاركة بشرح مناخ بلدانها وتقلباته. فأثنى الأوربيون على أعتدال مناخهم وعن وفرة الامطار وأزدهار الزراعة والغابات وما شابه. وكان الوفد الأمريكي مادحا تنوع الطقس في القارة الامريكية ولطافة المناخ في العديد من الولايات. جاء الدور للوفد العراقي الذي كان عدد رجال الأمن المرافقين أكثر بكثير من ما هو مطلوب في مثل هذه المؤتمرات العلمية. تحدث الخبير العراقي بأمانة عن سوء المناخ في العراق حيث حر الصيف في ساعة الظهيرة يكاد يحرق كل شئ حي والعواصف الرملية الحمراء والصفراء تزحف بالصحراء فتأكل الاراضي الصالحة للزراعة قبل عقول ربات البيوت. أما الشتاء فالامطار أصبحت شحيحة وأن من الله علينا ببعض المطر‚ طافت المجاري وغرقت الطرقات بالمياه والاطيان. وأثناء هذا التقديم رمق رجال الامن المرافقين ذوي الشوارب الغليظة والقسمات المخيفة الباحث العراقي ذو الحظ السئ بنظرات شريرة يفهم منها أنه تعدى الحدود الامنية وقد يلاقي ما لايحمد عقباه . فأستدرك الرجل ليصلح الموقف وقال للحضور: طبعا هذا الكلام لشرح حالة الطقس في العراق ما قبل ثورة تموز المجيدة. وقد تحسن المناخ كثيرا بعد شموله بمكرمة الرئيس صدام حسين!
أستيقظ صدام ذات يوم صباحا وذهب للحمام ليقضي حاجته. لاحظ عندما يطلق الريح لا توجد لها رائحة نتنة وصوت ثوري جهوري كما عهدها طيلة حياته. فرح صدام بهذه النقلة النوعية وقال سوف أضرط بحرية وراحة من دون توقف أجتماعات مجلس قيادة الثورة ومع هذا يجب مراجعة الطبيب بعد الاجتماع للتأكد. طلب من الطباخ تحضير وجبة من تشريب الباجلاء يعترشها رأسين مقطعين من البصل اليابس ومفرقع عليها دهن حر مع الشطة. ثم يعقب هذه الوجبة صحن من شوربة العدس وطلب كذلك بعض الفجل لفتح الشهية. أكل صدام وذهب الاجتماع وظل يضرط ويضرط ويطلق العنان لكل أنواع الغازات لتخرج والابتسامات تعلو وجهه. ومما شجعه هو التصرف الطبيعي لاقزامه من الوزراء والكادر الحزبي المتقدم بالرغم من كل الأضراط. أنتهى الاجتماع فذهب صدام للطبيب وشرح القصة كاملة. فحص الطبيب كل عضو وشئ عضوي يتعلق بالمشكلة. قاس النبض ‚ ضغط الدم ‚ التنفس ‚ فحص الأذن وقطر بها محلول ‚ كذلك الاذن الاخرى ثم غسل الانف وبخ به عدة بخات ثم قال الطبيب: سيدي صحتك ممتازة وكل شئ على ما يرام ولكن كان عندك انسداد في الاذنين والأنف ‚ لهذا لم تسمع ضراطك الموقر في مجلس قيادة الثورة وهذا شئ طبيعي أيضا!

Freitag, Januar 05, 2007

حلمٌ غريبٌ في بلد إسمه سوريا...

د. فاضل الخطيب

قبل كلّ شيء أقوم بجرّ حدود سوريا حتى الخليج العربي (الفارسي) - تعبير فارسي صار ضرورياً- وأثبّت علامات الحدود عند جزر أبو موسى، وأجرّ إلى جانبها بعض الجبال والوديان من لبنان، ولن أنسى وضع مدينة دبي وبعض المدن والقرى المجرية في ضواحي القرنة السوداء، كل ذلك بعد نقل مزارع شبعا ومزرعة أم السبع "سبعة" إلى الجولان حتى نرتاح ونريّح لبنان.

طبعاً أقوم بكل ذلك بدون نقل أية حفنة تراب (أرض) أو قطعة بناء واحدة. فاليوم يمكن القيام بذلك في عالم "الفيرتوال" الكومبيوتري!
لكنه بهذه الطريقة لا أحقق أية نتيجة فعلية، لأن الإنسان قادر اليوم على إفساد وإتلاف أجمل المدن وتضاريسها.

لنتخيّل سويةً لو أن سكان أية مدينة سورية نقلناهم إلى مدينة دبي أو بودابست مثلاً. ماذا يستطيعون أن يقوموا به ويتعاملوا مع هكذا بلدان؟ ستنقضي عشرات السنوات _ربما أكثر من عمر التصحيح السوري_ حتى يستطيعوا تعلّم الحياة والتفكير مثل سكان دبي وحاكمها أو أهل بودابست ونظامها. ومما لاشكّ فيه أن فترة إعادة التعليم أطول بكثير من فترة هدم العلم والقيم.

بكلمة مختصرة أحب أن أعيش في سوريا حيث توجد النظافة والنظام، السلام الداخلي والاطمئنان، في نفس كل إنسان. حيث الشعور بالمسؤولية والمحاسبة القانونية، حيث احترام القانون وحق النطق في أي مكان، بلا خوف من الرقيب ومن السجاّن، العيش في بلد يحمل الانسجام بين الطبيعة والإنسان، حيث كرامة الفرد مقدّسة، ولا مكان للكلمة المفلسة، حتى لو كانت من القصور المقدسة.

أحب أن أجلب المشافي من سويسرا مع النقود الكافية للأدوية ولعمل الأطباء والممرضات، نقود كافية للورد والحدائق وللبسمة الملائكية بين الآهات والآلام، نقود من أجل المدارس وبالضبط من أجل مراكز ثقافية حقيقية، حيث يكون المخبر والتفكير والإبداع الحر. هذه المراكز أجلبها من فنلندا والسويد. كما أجلب من أمريكا إحدى جامعاتها وكل ما تملكه من كليات سكنية للطلاب، وأساتذة وأجهزة تدريب وبحث. وطالما هناك مجال للاختيار سأجلب جامعة هارفارد مع "دستة" من حملة نوبل للعلوم المختلفة_ وأترك هناك تكاليف قسط الدراسة والتي تقدّر بعشرات آلاف الدولارات.

لكنه من الصعب استقدام أناس حضاريين يتعاملون ويفكرون ويعيشون بعقلية المستقبل وليس باستحضار الماضي "التليد". ربما يكون سكان كندا أو النرويج هم المرشحون لذلك.

وكي تكون حياتنا سعيدة وصاخبة أدعوا سكان نابولي وتوسكانا من إيطاليأ. ومن الدانمارك أستقدم متخصصين في مجالات الجمعيات التعاونية كي يعلمونا أن تلك الجمعيات ليست من صنع الشيطان وإنما من عمل الإله، كي تخرج مزارعنا من حفرها وجورها وبؤسها.

ونتعلم من الهولنديين وسكان الدول الاسكندنافية التعامل مع القوميات التي لم يخلقها الرب عربية. وسيكون أكثر المتحمسين لذلك الأكراد والسريان والآشوريين وغيرهم من سكان البلد الأصليين!

ونستورد من الإنكليز والأمريكان الثقة بالنفس والطموح والإيمان بأن مصير الإنسان موجود بين يديه وعليه أن يبحث عن الفرص لذلك، بدل القعود وانتظار السماء، بدل البكاء والمواء.

ولن أنسى أن أجلب من المجر مئات أو آلاف حمامات المياه المعدنية والتي ستكون وسيلة لجذب السوّاح.

كل هذا وكي لا نخدع أنفسنا في "نجاحاتنا وانتصاراتنا" حتى الآن، علينا تعلّم التواضع والتكافل الإجتماعي، وقد يكون ذلك من مدينة بروجس في بلجيكا، حيث قاموا في القرن الثالث عشر ببناء مئات البيوت للفقراء وللعجزة وللأرامل، للأيتام وللمرضى، وقاموا بحمايتهم من الجوع والبرد والعيش المنفرد.

ويمكن الاستشهاد والتعلم مما قاله سقراط _وليس فقط من زماّري البلاط_ بأن نتعلم منه كيف يمكن لنا أن ننظر في وجه الإنسان الفاني مع شقائه وسعادته بكل احترام له لأنه إنساني. وتصبح سوريا مكاناً آمناً للاجئين السياسيين من العالم، ويتقمص إفلاطون في جمهورية الحلاّج والسهروردي في الشام.

ومقابل كل ذلك أبعث إلى مراكز إعادة التأهيل والإصلاح والإتلاف وإعادة الإنتاج لتلك البلدان والمدن، كل التماثيل واللافتات والأراجيل، وكل الأعلام الصفر وبنادق "النصر"، وكل العمائم الملطخة بالدم، كما أقوم بتخريج آخر دفعة سياسية للطلائع وأبعث أطفالها إلى الروضات ودور الحضانة للعب والتسلية وعيش حياة الطفولة النظيفة البريئة.كذلك أحرر النسوان من عقدة النقص وقلة الإيمان، وأقنع الجميع أن الله أكبر من أبو سليمان، وأن نفوذ البلطجية ليس قضاءٌ وقدرٌ في هذه البلدان.

أبعث هدايا إلى بعض حدائق الحيوان ومن كل قلبي بلا أثمان، وستكون الفائدة مشتركة حتى يعرف العالم حجم الورطة، وتجارة الإرهاب التي تزدهر في بلاد "الأعراب"، من أرض الأرز إلى الأهواز.وأقول لهم هذا وطني يذبح وتباع دماءه في شيراز!

تخيلوا معي ما أجمل سوريا، وما أسعد ساكنيها لو حملها لنا "سانتا كلاوز" في العام القادم!

الأردنيون وذهبُ رغَد

-1-قالت الأخبار، بأن فئات من الشعب الأردني، وخاصة الأحزاب السياسية والنقابات المهنية، كانت من أكثر فئات الشعب العربي حزناً وتضامناً مع أسرة صدام حسين. ولم يسبق هذه الظاهرة غير الظاهرة الليبية الرسمية، التي أعلنت هي وحدها، دون العالم كله، بعربه، ومسلميه، ومسيحييه، ويهوده، حدادها على صدام لمدة ثلاثة أيام، على طريقة القذافي في نظرية العالمية الثالثة الخضراء، التي تتلخص في "خالف تُعرف"، ووجوب السماح لليهود والمسيحيين بالطواف حول الكعبة!إنها جمهورية الهبل والجنون، تلك الجماهيرية الشعبية الديمقراطية العسكرتارية الديكتاتورية. فلو سألنا أنفسنا: ما هو مبرر القذافي في هذا الحداد المشين، لما وجدنا له مبرراً. ولو كان هناك مبرر عقلاني للحداد الرسمي على اعدام صدام، لكان الأولى باليمن ومصر والأردن شركاء صدام في "مجلس التعاون العربي" الذي تشكل عام 1988، الحداد على "سيد شهداء هذا العصر" كما أُطلق على صدام بالأردن من قبل بعض الفعاليات النقابية ، وعلى "الأسد الضرغام الإمام أبو الشهيدين"، كما أطلق عليه الفلسطينيون.
-2-ماذا جرى للعقل الأردني؟ولماذا يتصرف الأردنيون على هذا النحو المخجل، والمهين للكرامة الأردنية أولاً؟والسؤال هنا:هل لو كان صدام حسين رئيساً للصومال الفقير، أو رئيساً لليمن المعوز، أو رئيساً لموريتانيا المعزولة، هل كان الاحتفال بشنقه سيكون على هذا النحو الذي جرى بالأردن وغزة على وجه الخصوص؟من المعروف جيداً، أن صدام في حياته أغدق على النقابات الأردنية والإعلام الأردني والأحزاب الأردنية الكثير من المال، والكثير من العطايا والمطايا. وأن لحم أكتاف كثير من الزعامات الأردنية النقابية والسياسية والدينية والثقافية، هو من ذهب صدام، ومما سرقه من الشعب العراقي. وعندما خُلع صدام فجر التاسع من نيسان 2003 ، ولجأت ابنته رغد إلى الأردن، تابعت رغد الانفاق بسخاء على هذه الفعاليات. وظهر ذلك واضحاً من ذاك الجيش العرمرم من المحامين الأردنيين، الذين دافعوا عن صدام أثناء محاكمته. وتقدر بعض الأوساط، أن رغداً منذ أن لجأت إلى الأردن، صرفت ما يزيد على ملياري دولار من الأموال التي نهبها أبوها وأخواها من الشعب العراقي. وتم صرف هذه الأموال على النقابات وأجهزة الاعلام المختلفة والجمعيات الخيرية والدينية والتعليمية. وأصبحت رغد بذلك دعامة من دعامات الاقتصاد الأردني، ولهذا تم قبولها لاجئة في الأردن.وأن رغداً التي ورثت مليارات الدولارات المسروقة عن أبيها هي وعائلتها، ما زالت تصرف إلى اليوم بسخاء على قطعان الشعب الأردني من الدهماء والمثقفين والنقابيين والسياسيين على السواء، الذي باع نفسه بثمن رخيص وبخس أمام العالم كله، بموقفه الغريب والمشين من خلع صدام، والقبض عليه، ومحاكمته، ثم شنقه. فهل هذا الحزن العارم، وفاء من الشعب الأردني للذي غمره بالذهب والبترول المجاني، في سنوات خلت؟إذن، فالشعب الأردني شعب شهم، ويحفظ المعروف، ولا يعضَّ اليد التي أطعمته وأحسنت اليه، ويستحق الاحترام، ويجب أن نبجّله بدلاً من أن نذمه!وإلا، فما هو المبرر لكل هذه الدموع، وكل هذا اللطم، وكل هذا الحزن الكاذب والمموه، على واحد من أكثر طغاة الحكام العرب المعاصرين، والذي أذاق شعبه كؤوس العذاب والمرارة، واعتدى على جيرانه، واحتل أرضاً عربية؟ما هو شعور الأخوة في الكويت ، الذين شردهم صدام، واحتل بلدهم، ولم يخرج منها إلا بقوة دولية؟
-3-انني أطأطيء رأسي خجلاً أمام شعب العراق، وأرامل العراق، وأطفال العراق، وعائلات العراق، الذين كانوا ضحية الجلاد الذي تم شنقه بالأمس، ووصفته فئات من الشعب الأردني، بأنه "سيد شهداء عصره"!
يا للعار!ولكن، لنعلم بأن ستين بالمائة من الشعب الأردني هم من الفلسطينيين البعثيين والإخوان المسلمين والحماسيين، المتحمسين لصدام منذ حرب الخليج، والذين وقفوا إلى جانبه في حرب الخليج.ألم يقف الإخوان المسلمون إلى جانب صدام في حرب الخليج؟ألم ير مشايخ الأردن صدام حسين في ليالي صيف 1991، وهو يركب حصاناً أبيض فوق سطح القمر؟ألم يقف ياسر عرفات ومنظمة التحرير آنذاك، إلى جانب صدام في حربه على الكويت، والكويت هي التي على أرضها قامت فتح، وقام الكفاح الفلسطيني المسلح، واحتضنت وموّلت جزءاً كبيراً من الكفاح المسلح؟ألم تنصب حماس سرادقات العزاء في غزة، عندما نفق عدي وقصي؟ما أقسى جحود هذا الشعب الفلسطيني، الذي لا يميز بين عدو وصديق، وبين الأيدي البيضاء والكفوف السوداء؟
-4- بئس هذا الشهيد، وبئس الشعب الذي يرقص لرنة الذهب، ويبكي لرنة الذهب، ويكذب لرنة الذهب.فغداً سوف ينتهي ذهب رغد، فلنر من الفلسطينيين الأردنيين من سوف يذكر صدام، أو يبكي عليه، كما يبكون عليه اليوم؟كلما نظرت إلى شعبي الأردني أزداد حزناً وأسى. فرغم هذه النسبة المئوية العالية من المتعلمين والمثقفين بينه، ورغم هذا الوعي السياسي الكبير، إلا أن هذا الشعب الفقير، يظل فقيراً بعقله، وذليلاً بحاجته. وطوال تاريخه كان الشعب الأردني هكذا قبل 1948 ، وبعد ذلك.فناخبوه يُشترون بالمال، وسياسيوه يُشترون بالمال، وكراسيه تُشترى بالمال، وصحافيوه يُشترون بالمال.وهذا ما فعله صدام، وفعلته بالأمس ابنته رغد، وتفعله اليوم كذلك. لذا، كانت دموع الأردنيين بالأمس عليه مدراراً، وكان حزنهم عليه حزن اليتامى والأرامل.
فلا عجب، ولا عتب.

د شاكر النابلسي

أرامل صدام في جنازة القومية العربية

على مدى أكثر من خمسة وثلاثين عاماً، ظل من يطلقون على أنفسهم "القوميين العرب"، يطبلون لنظام صدام حسين، ويدبجون القصائد في "حكمة القائد"، دون أن يكلف أي منهم نفسه عناء التوقف أمام ما كان يشهده أبناء العراق من مآس ومذابح، وعمداً تجاهلت صحف الأنظمة العربية مظالم الشيعة والأكراد وغيرهما من طوائف العراق التي تشكل روافد بالغة الأهمية في نسيجه، فالشيعة مثلاً يشكلون غالبية الشعب العراقي، والأكراد يتمتعون بكل مقومات الأمة المستقلة، من خصوصية اللغة والعادات والجغرافيا والتاريخ، ولو شاءوا الاستقلال فلا جناح عليهم، لأنهم يملكون مبررات لا تقل في تمايزها عن الشيشان مثلاً، التي صدعنا البعض بحق أهلها في الانفصال عن الاتحاد الروسي، لكن قاتل الله المكابرة والتبجح الذي يتمتع به "القومجية"، إذ أنهم يكيلون بألف مكيال، ثم يتهمون الآخرين بازدواجية المعايير دون خجل
والمعلوم أن الفكر القومي لم يهزم يوم سقوط نظام صدام، ولا يوم القبض عليه في "الحفرة إياها" ولا يوم القصاص العادل منه، بل سقط منذ حزيران عام 1967، حين تمكنت دويلة إسرائيل التي لم يكن عمرها حينذاك يتجاوز بضعة عقود من إلحاق الهزيمة النكراء بكبرى الدول العربية، ومن ساعتها أخذت تجربة القومية العربية تتدهور على نحو حاد، والسبب ببساطة هو أن أنظمة الحكم التي امتطت حصان العروبة، فعلت بالشعوب ما لم يفعله الاستعمار الكولونيالي، وقضت على النخب السياسية والثقافية قضاء مبرماً، وحولت تلك النخب إلى عازفين في أوركسترا النفاق والمغالطة والتبرير، فشوهوا التاريخ، وعمدوا إلى "عسكرة المجتمع"، ففي مصر مثلاً ابتكر نظام عبد الناصر ما يسمى "المدارس العسكرية"، ونصّب عسكريين سابقين رؤساء للشركات والهيئات وحتى الأحياء والبلديات هذا ناهيك عن الوزارات المتعاقبة، التي ظل العسكر يحظون بنصيب الأسد فيها، حتى الهيئات الخيرية تعاقب على رئاستها العسكر، وبالتالي جرى تفكيك المجتمع المدني، وانتقل ثقل المجتمع المصري من الأحزاب والجامعات إلى "ثقافة القشلاق" ـ المعسكر ـ حيث تسود روح الطاعة العمياء، ويتلاشى النقد والمحاسبة، مادام المسؤول من "أهل الثقة"، وكان طبيعياً أن ينهار هكذا مجتمع حتى قبل أن تطلق إسرائيل رصاصة واحدة، على النحو المعروف الذي لم يزل "القومجية" يبررونه، ويعلقون خطايا قادتهم المستبدين على شماعة المؤامرات الخارجية. ....... يقيم مصريون وفلسطينيون وغيرهم مآتم هذه الأيام كمداً على أيقونتهم "المدنسة" صدام حسين، وهم بهذا يزايدون على شعب العراق أو لنقل غالبيته، إذ أن كل العراقيين، باستثناء ثلة من المستفيدين والانتهازيين سعدوا بالقصاص العادل، الذي شاءت الأقدار أن يكون من نفس جنس العمل، وراح "أرامل صدام" يرطنون بعبارات أقل ما توصف به أنها سخيفة ومقززة، فيتحدثون عن "محاكمة غير عادلة" جرت لنبيهم الدجال، وكأنه كان يحرص على محاكمة خصومه ومعارضيه قبل أن يقتل بعضهم بمسدسه الشخصي، ويبيد قرى وعائلات كاملة، ويشن غارات جوية بالأسلحة الكيماوية على طائفة من أبناء شعبه، الذين يبخل عليهم بثروات بلادهم، بينما يشتري بها ذمم الأفاقين والمنافقين وباعة النفايات الفكرية، من نخب "القومجية" العرب الذين أدمنوا رحلات الصيف والشتاء إلى بغداد، للمشاركة في "مهرجانات الردح"، حيث يتبارون في الإشادة بعبقرية "الزعيم الملهم"، لأنهم يدركون جيداً أنها "مزايدة رخيصة"، سيربحها الأعلى صوتاً، ومن يذهب إلى آخر مدى ممكن في الكذب، حتى ينتبه إليه "أزلام صدام"، فتتضاعف المكرمة الرئاسية، التي بلغت حداً غير مسبوق من التبجح، حين منح صدام سيارات "مرسيدس" فاخرة، لرؤساء تحرير الصحف الحكومية في مصر، ولما شاعت القصة وانكشفت الفضيحة، اضطر الرئيس المصري إلى إصدار أمره بوضعها ضمن ممتلكات المؤسسات الصحافية، وكان حريّاً به أن يسحبها منهم ويعاقبهم بالطرد والمحاكمة
ولم تتوقف فرق الانكشارية "القومجية" عند حدود الارتزاق من نظام صدام حسين، بل اتسعت رقعة التربح من كل نظام عربي فاشي، كالنظام الليبي مثلاً، والذي يمكنني أن أتفهم دوافع إعلانه الحداد على اقتصاص الشعب العراقي من الطاغية الذي سامهم كافة صنوف العذاب والإهانة والمظالم التي لا حصر لها، وذلك لأن الطغيان ـ كالكفر ـ ملة واحدة، ولعل عقيد ليبيا كان يتحسس رقبته وهو يشاهد حبل المشنقة يلتف حول عنق رفيقه، وهو بالتأكيد لم يكن الحاكم العربي الوحيد الذي يتابع المشهد التاريخي، لواحد من "رفاق الطغيان"، فهناك طغاة آخرون تحسسوا رقابهم، وبلغتهم الرسالة العراقية، وهنا نبشرهم بأن العراق أصبح بالفعل "منصة" لإطلاق الحريات في المنطقة، ولن تكون هذه آخر الرسائل الموجعة لأنظمة الاستبداد في المنطقة، وأن محاولات تلك الأنظمة لإلهاء الشعوب و"هندسة أدمغتها"، ضد مصالحها بمزاعم فارغة عن دور إيراني واحتلال أميركي ومطامع إسرائيلية، وغيرها من كلمات الحق التي يراد بها عين الباطل، فالزعم بأن إيران تهيمن على العراق هو إهانة لملايين العراقيين القادرين على تدبر شؤونهم دون وصاية من أحد، أما الحديث الممجوج عن الاحتلال الأميركي، فأبشرهم أنه في القريب سيحمل عصاه ويرحل، متى طلب منه العراقيون ذلك، لكن هؤلاء الأعراب يريدون خراب العراق، لأنهم يبثون عبر وسائل إعلامهم وعلى ألسنة أبواقهم أنه ينبغي على قوات التحالف أن ترحل الآن فوراً، وهم يدركون جيداً أن بلداً كبيراً كالعراق، ظل يعاني قمعاً لا حدود له على مدى نحو أربعة عقود، سيقع في فخ الحرب الأهلية والاقتتال الطائفي لو رحلت قوات التحالف الآن، فالأعراب يريدون نشوب تلك الحرب، حتى يجلسوا على مقاعدهم ويتشدقون بشماتة عن نصائحهم الثمينة التي قدموها للجميع بعدم الاقتراب من مستنقع الشرق الأوسط، لأنهم ـ أي الحكام الطغاة ـ أدرى بشعابه، ويعرفون جيداً كيف يحكمون شعوبه ويسوسونها. ....... يتحدث كثيرون من الساسة العرب وأذنابهم من جوقة المستفيدين، عن الدكتاتور صدام وكأنه "بطل سني أعدمه شيعة جبناء خونة"، وهم يدركون جيداً أن صدام لم يكن سنياً ولا شيعياً، ولا يكترث بأي دين، اللهم إلا بما يكرس استمراره على عرشه، فاستخدم الدين مطية كلما حاصرته الهزائم، ولم يحمل المصحف إلا بعد أن كبلته الأغلال وصار قاب قوسين من مزبلة التاريخ.
وكعادتهم يخطئ الأعراب في حساباتهم السياسية، حين ينفخون في نيران المذهبية، ويتحدثون ليل نهار عن تمدد النفوذ الشيعي الإيراني، وتنطلق آلة الإعلام التي تهيمن عليها أنظمة القمع، لتجييش المشاعر المناوئة لمعتنقي المذهب الشيعي، وهم يتغافلون عن أن اشتعال هذا الملف يهدد بتفجير الأوضاع في عدة بلدان عربية، يشكل فيها الشيعة نسبة لا يستهان بها، وبدلاً من ترسيخ قيمة المواطنة دون الالتفات للدين أو المذهب أو العرق أو الجنس، تتحول هذه الأنظمة الاستبدادية إلى طرف في خصومة تاريخية، قد تفجر مجتمعات برمتها، وتدفع به إلى مواجهات دامية. وفي سياق التبرير واللعب بالنار، يتجاهل المستبدون وأبواقهم جرائم صدام حين قتل واغتال المئات من أبناء الطائفة السنية، بل ومن أبناء عشيرته وأقاربه، ومنهم على سبيل المثال لا الحصر، وزير الدفاع الأسبق عدنان خير الله وهو ابن خال صدام، وبنو عمه حسين وصدام كامل، إبان واقعة الهروب الشهيرة، ناهيك عن الرئيس الراحل أحمد حسن البكر، ووزير الصحة رياض رشيد، ورئيسي ديوان الرئاسة طارق حمد العبد الله، وخالد عبد المنعم رشيد، والدكتور راجي التكريتي، وعشرات العسكريين منهم ثابت سلطان التكريتي، وكامل الجنابي وغيرهم، يتجاهل الأعراب كل هؤلاء ويختزلون أهل السنة في شخص الدكتاتور، الذي لم يكن يوماً سوى طاغية يتلذذ بالدم.
وبدلاً من تجييش مشاعر العوام والدهماء ضد توابع زلزال العراق، وبدلاً من مراجعة النفس وتعلم الدرس، راحت عواصم عربية تتحدث عن نفوذ إيراني، بينما ليس هناك سفراء لهذه البلدان في العراق، وكادوا يختزلون اهتمامهم بالعراق في "حصة الاستثمار"، ولو كنت عراقياً لما منحت عربياً واحداً تأشيرة دخول للعراق، ناهيك عن عقود الإعمار الهائلة التي منحت بالفعل لعشرات الشركات العربية، فحين يضع هؤلاء الأعراب أنفسهم في خندق مضاد لمشاعر القطاع الأكبر من أبناء العراق فيفرحون لما يحل بهم من كوارث وتفجيرات، لا لشئ إلا الشماتة بأميركا، التي لا يجرؤ حاكم عربي على رفض طلب لها، كما يتباكى هؤلاء الأعراب على ما يسعد العراقيين، كالقصاص من طاغية تلطخت يداه بدماء عشرات الآلاف من أبناء شعبه، وقمع الملايين منهم، وأهدر ثروات الدولة في مغامرات عسكرية لا طائل منها، واستعدى على بلاده العالم كله، وعرّض شعبه لحصار لم ينل منه هو وأسرته ورفاقه، بل تربحوا منه بالمتاجرة بأقوات الناس
كان ينبغي على الأعراب أن يمدوا يد المساعدة للعراق، ليساهموا في إرساء الأمن والاستقرار، بدلاً من فتح حدود بلدانهم معابر للإرهابيين، وهؤلاء ليسو بالتأكيد بمنأى عن قبضة أجهزة الأمن والاستخبارات العربية القادرة على الوصول إلى الجنين في بطن أمه، لكن هذه الأنظمة المرتعدة من أن تمتد توابع "زلزال العراق" إلى عروشهم، التي لا يريدون أن يصدقوا حتى الآن أنها باتت في مهب الريح، تماماً كما كان صدام حسين لا يريد أن يصدق أن زمنه ولّى إلى غير رجعة، حتى اللحظات الأخيرة التي كان حبل المشنقة يلتف حول رقبته، فقد صدق الطاغية هرطقة المنافقين الذين نفخوا فيه حتى تورم، فتصور أنه خالد ولا يمكن المساس به، وربما استبعد حتى أن يموت على فراشه، فضلاً عن شنقه على هذا النحو الحقير، الذي يستحقه، دون دمعة واحدة تذرف عليه، اللهم إلا من "أرامل صدام" الذين تضخمت ثرواتهم من عطاياه.
والله غالب على أمره
نبيل شرف الدين