Donnerstag, Januar 18, 2007

"تحرير الشعوب لا بد وأن يمر بتحرير المرأة"

بقلم سامي البحيري

عندما كنا أولادا صغارا نلعب في حواري الأحياء الشعبية بالقاهرة ، كان من أكبر الفضائح أن يعرف أحد الأولاد أسم أمي ، لأنه كان من شأنه أن يحولني إلي أضحوكة بين أقراني ، وبدلا من أن ينادوني بأسمى "سامي" ، فسوف ينادوني "يا ابن فلانة!!" ، وأذكر أن حظي العاثر قد مكن أحد الأولاد من معرفة أسم أمي عن طريق والدته ، وبدأ حملة شريرة لابتزازي فكان يقتسم معي سندويتش المدرسة ، وأحيانا كان يقتسم معي مصروفي اليومي المتواضع ، وظل على هذا الحال حوالي سنة كاملة ، حتى استجاب الله لدعائي وتم نقل والده للعمل خارج القاهرة ، وقد سافر مع أسرته ومعه السر المصون إلا وهو "أسم أمي" ، وأنا حتى الآن لا أجرؤ على ذكر أسم أمي (رحمها الله) في هذه المقالة خشية أن تغضب علّى في الاخرة .

وبين عامي 1994 & 1995 كنت في معسكر جبإليا بقطاع غزة أقوم ببناء مساكن للمواطنين الفلسطينيين وكانت ممولة من الحكومة الأمريكية كباكورة للمشروعات التي كان من المفترض أن تستمر بعد اتفاقية أوسلو ، وكان هناك كثير من التفاؤل في أوساط الفلسطينيين والإسرائيليين ، وكان علينا الاستعانة بالعمال والمقاولين المحليين بغزة ، وتعرفت بمقاول أسمه "أبو حمدي" ، وجاءني "أبو حمدي" يوما يسألني : ما هو أسم أبوك؟ ، فقلت له : أسمه أحمد ، فقال لي : من هنا ورايح سوف نناديك يأبو "أحمد" ، فقلت له : لماذا ؟ فقال : أنا أعرف أنه ليس لديك أولاد ، لذلك جرت العادة بين الفلسطينيين وأهل بلاد الشام أن ينادون الشخص الذي لم ينجب أولاد بكنية أبيه . فأعترضت قائلا : أنا أفضل أن تنادينى بأسمى المجرد "سامي" . فقال لي : مايصحش" ياباشمهندس" ، لا بد أن نناديك يأبو أحمد . فقلت له: أن كان ولا بد أن تناديني بأبو" حاجة" فأنا أفضل أن تناديني باسم ابنتي الكبرى "سارة" ، فتغير وجه" أبو حمدي" فجأة وقال : يعنى" ياباشمهندس" عاوزني أناديك "يأبو سارة" ؟ فقلت له: أيوه ولى الفخر كمان . (رغم أنني لم أتخلص من عقدة أسم أمي بعد!!) ، فقال: ياباشمهندس ما يصحش أحنا عمرنا ما ننادى أحد باسم بنته ، البنات دول حرمة . فقلت له: يا سيدي أنا موافق ، أنت مالك ، قل لى يأبو سارة . فقال لي: أنت حر أنا سأناديك يأبو سارة في وسط المشروع وفي وسط العمال . فقلت له : ولا يهمك . وطبعا" أبو حمدي" ما كذبش خبر ، وبدأ على الفور بمناداتي :"يأبو سارة" في وسط موقع العمل ، وما أن نادي على بصوت عال "أبو سارة" حتى توقف العمل في الموقع وبدأ الكل ينظر باستنكار تجاه المنادى والمنادى عليه ، فشخط فيهم "أبو حمدي" قائلا: "كل واحد يرجع شغله ، الباشمهندس مبسوط من لقب" أبو سارة"!!

وأنا أعرف أيضا أن في بعض بلاد الخليج عندما يريد الرجل أن يتكلم عن زوجته يبدأ الحديث قائلا: " الله يعزك الأولاد في البيت .... كذا .....كذا " تماما مثلما يتكلم عن حذائه قائلا : "الله يعزك إعطني المداس " !! وفي بلاد الشام عندما يتكلم الرجل عن زوجته يقول : "المرة" بدون ألف الهمزة وبفتح الميم والراء ، أما في مصر فقد حدث تطور كبير فبعد أن كان يطلق على الزوجة لقب "الجماعة" أخذت لقب "المدام" بدون ذكر أسمها صراحة.

وخلال قرأتي للسيرة النبوية فأنني أقرأ كثيرا عن نساء العرب والصحابة فيقال: "فلانة بنت فلان وكانت تحت عبادة بن الصامت" أي أنها زوجته (يعنى تحته بالمفهوم الجنسي) !!

وكل هذه المظاهر المثيرة للضحك والرثاء ، أنما هي مظاهر جاهلية وتعتبر بمثابة وأد نفسي للبنات ، لأن الرجال العرب لا يطيقون أن يكون لبناتهم أو لزوجاتهم وجود خارج البيت. وقد كنت مرة أصلى الجمعة في أحد مساجد الوهابيين ، وكانت خطبة الجمعة كلها مركزة على أن : المرأة لا تخرج من باب البيت إلا مرتان : مرة من بيت أبوها إلي بيت زوجها والأخرى من بيت زوجها إلي القبر !!

ومرة قال لي أحد المتمسحين بالدين :" أن المرأة ما هي إلا وعاء يفرغ الرجل فيه شهوته "!! وطبعا قد تقززت من التعبير ، وكنت أعرف أسرته ، فأجبته قائلا: "أيه رأيك لو أنقل الرأي ده للسيدة والدتك وللآنسة أختك ؟" فصمت ولم ينبس بشفة .

ورغم حدوث تطور كبير في النصف الثاني من القرن العشرين في النظرة إلي المرأة العربية ، إلا أن جحافل الجاهلية ما زالت ترغب في أن تعود المرأة إلي البيت كخادمة ومربية ووعاء للشهوة . ومازالت بعض البلدان لا تسمح بسفر النساء بدون "محرم" حتى لو كان ولدها الصغير ، وفي هذا أبلغ إلاهانة للمرأة ، فقديما كان السفر من مكة إلي المدينة على ظهر الجمال يأخذ أياما ، وكانت القوافل تتعرض للنهب والاغتصاب والقتل من قطاع الطريق ، لذلك كان من الطبيعي أن يرافق المرأة رجلا من محارمها حماية لها من أشرار الطريق المرهق والطويل ، أما اليوم فتسافر المرأة من بلاد العرب إلي بلاد الإنجليز على متن طائرة بها ما لا يقل عن مائتي مسافر ، ثم تهبط في مطار به آلاف من المسافرين ورجال الشرطة ، فمم نخاف عليها ؟ هل من الممكن أن يغتصبها شخص على متن الطائرة ؟ أم على أرضية المطار ؟!!

ومازالت المرأة ممنوعة من قيادة السيارة بالسعودية ، وفي نفس الوقت يسمح للسائق "غير المحرم" بأن يقودها إلي الأسواق وخلافه ، بدون خشية "أن يكون الشيطان ثالثهما" .

كما أن كثيرا من البلاد العربية لا تسمح بسفر الزوجة بدون موافقة خطية من زوجها ، وكأنها جارية قد أشتراها من أبوها .

حتى مهر المرأة ما هو إلا رمز للجاهلية والعبودية والجواري . وكلما بولغ في المهر فان هذا يؤكد أن المرأة جارية تباع وتشترى ، حتى أنها إذا أرادت أن تخلع من زوجها فلا بد عليها أن تشترى حريتها برد المهر والهدايا لزوجها مرة أخرى .

ومازلنا نرى التفرقة البغيضة بين تربية الولد وتربية البنت ، فالولد مصرح له بأن يفعل ما يشاء ، ولو عرف والده أن له علاقات نسائية حتى لو كانت علاقات مع بائعات الهوى ، فأنه يبتسم موبخا :" ما يصحش كده يا ولد ، أنتظر حتى الزواج " ، بينما يقول لأصحابه في المقهى بفخر : "الولد طالع عفريت وخلبوص زى أبوه ، داير على حل شعره " . أما إذا عرف أن أبنته قد تعرفت إلي شاب في الدراسة ، فأنها سوف تتعرض لأقصى العقوبات الجسدية والنفسية ، ابتدءا بتهديدها بحرمانها من استكمال تعليمها ، وإنتهاءا بالقتل كما يحدث في بعض الأماكن البدوية والقرى النائية ، ولم لا فالبرلمان الأردني مرر قانونا يخفف العقوبة على قتل ما أسماه "بقتل الشرف" . وكأن للبنت شرف ، ولا شرف للولد .

وسواء أردنا أو لم نرد فالمرأة أكثر من نصف المجتمع ، وهذا ليس كلاما سياسيا وإنما إحصائيات ، ففي معظم دول العالم يبلغ تعداد النساء حوالي %51 من السكان . فتجاهل نصف المجتمع أو معاملته بمعايير مزدوجة لا يجلب إلا الفشل على تلك المجتمعات .

المرأة هي أمك وأختك وأبنتك وزوجتك وحبيبتك ، والمرأة هي الحياة لأنها تحمل في داخلها كل حياة لطفل وليد ، وهي العذوبة والرقة والحب والشاعرية ، معظم الشعر الذي كتب عبر التاريخ كتب في المرأة .

وبدون الحرية الكاملة للمرأة فلا يوجد هناك أمل حقيقي للتقدم أو القضاء على الفقر والجهل والمرض والبطالة ، فالمجتمع الذي لا يعطى الحرية الحقيقية للمرأة والمساواة الكاملة بالرجل ، سيظل مجتمعا أعرج يمشى على ساق واحدة .

نريد للمرأة حرية حقيقية بدون قيود ، إلا قيود القانون مثلها مثل الرجل ، لا نريد حرية تليفزيونية شكلية، يجب أن نحارب الأفكار الجاهلية التي ما زالت تبيح "وأد البنات " وأدا نفسيا وأحيانا جسديا .

المرأة الحرة سوف تعلم أولادها الحرية ، والمرأة الجارية لا تستطيع لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، أن اعتبار المرأة عورة : اسمها عورة ، صوتها عورة ، جسدها عورة ، لا يتأتى إلا من مجتمع الذكور المهوسين بالجنس ، ومجتمع رجال لا يمارس الجنس إلا في خياله ولا يعرف من الحب إلا القليل، حتى بعد الزواج يمارس معظم رجال الهوس الجنسي الجنس بدون حب حقيقي . وإذا أضفنا إلي موضوع العورة أنهن "ناقصات عقل ودين" ، فان القضاء على المرأة قد تم بمقتضى التفاسير العتيقة للنصوص ، والأخذ بالنصوص المقررة وليس بروح تلك النصوص ، وبغض النظر عن مبررات وأسباب تلك النصوص.

وأحمد الله أنني قد أنجبت البنات ، وبأنني قد نجيت بهن في سفينة نوح في بلاد الفرنجة ، حتى يبعدون عن مجتمع الذكور المهووسين جنسيا في بلادنا الجميلة !!

0 Kommentare:

Kommentar veröffentlichen

Abonnieren Kommentare zum Post [Atom]

<< Startseite