Donnerstag, Oktober 05, 2006

الفرق بين المقدمة و"المؤخرة" شاسع

اصبح التعليق الذي اطلقه نائب مجلس الامة من جماعات الاسلام السياسي حول "مؤخرة" روبي حديث البلد في الدواوين والمنتديات
حيث دارت التعليقات والنكات حول ما طرحه النائب.التساؤل المطروح علينا هو: لماذا يهتم نائب في مجلس منتخب بمؤخرة فنانة ولا يهتم بما كتبه عالم الاجتماع العربي ابن خلدون في مقدمته حول تطور العمران ونهوض الامم?
ابن خلدون عالم والنائب المحترم هو وجماعته يرددون ليل نهار بأنهم يهتمون بعاداتنا وتراثنا وتقاليدنا وهذا شيء جميل ومطلوب, لذلك نستغرب لماذا تجاهل مقدمة ابن خلدون خصوصا وانه سطر كلاما في مقدمته حول العرب ننقل حرفيا بعض ما قاله لعل وعسى ان ينسى النائب مؤخرة الفنانات ويركز على ما قاله ابن خلدون
.تحدث ابن خلدون عن العرب وفي حديثه سنعرف دور الاستقرار في عملية العمران واهمية الاعمال وقيمتها في تطور الانسانية.
كما سنعرف الدور التخريبي الذي مورس من قبل العرب في البلاد المفتوحة وكيف ان استئثار الاسرة الحاكمة بالمناصب من دون تأهيل وكفاءة سيؤدي الى اهلاك العمران, والسبب في ذلك انهم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش واسبابه فيهم فصار لهم خلقا وجبلة, وكان عندهم ملذوذا لما فيه من الخروج عن ربقة الحكم وعدم الانقياد للسياسة وهذه الطبيعة منافية للعمران ومناقضة له, فغاية الاحوال العادية كلها عندهم الرحلة والتغلب, وذلك مناقض للسكون الذي فيه العمران, وهم يتلفون على اهل الاعمال من الصنائع والحرف اعمالهم لا يرون لها قيمة ولا قسطا من الاجر والثمن, والاعمال هي اصل المكاسب وحقيقتها, واذا فسدت الاعمال صارت مجانا وضعفت الامال في المكاسب وانقبضت الايدي عن العمران وفسد العمران. وايضا فإنهم ليست لهم عناية بالاحكام وزجر الناس عن المفاسد ودفاع بعضهم عن بعض انما همهم ما يأخذونه من اموال الناس نهبا او مغرما, فإذا توصلوا الى ذلك وحصلوا عليه اعرضوا عما بعده من تسديد اموالهم والنظر الى مصالحهم وربما فرضوا العقوبات في الاموال حرصا على تحصيل الفائدة والجباية والاستكثار منها كما هو شأنهم. وايضا فهم متنافسون في الرياسة قل ان تسلم احد منهم الامر لغيره ولو كان اباه او اخاه او كبير عشيرته الا في الاقل وعلى كره فيتعدد الحكام منهم والامراء وتختلف الايدي على الرعية في الجبابة والاحكام فيفسد العمران وينقض. (انظر ابن خلدون المقدمة ص 464)ويدلل ابن خلدون على رأيه فيقول: »وانظر الى ما ملكوه وتغلبوا عليه من الاوطان من لدن الخليقة كيف تقوض عمرانه واقفر ساكنه وبدلت الارض فيه غير الارض: فاليمن قرارهم خراب الا قليلا من الامصار وعمران العرب كذلك خرب عمرانه الذي كان للفرس اجمع والشام لهذا العهد كذلك وافريقية والمغرب لما جاز اليها بنو هلال وبنو سليم قد لحق بها عادات بسائطة خرابا كلها بعد ان كان ما بين السودان والبحر الرومي كله عمرانا تشهد بذلك آثار العمران فيه من المعالم وتماثيل البناء وشواهد القرى والمدن.وفي هذا السياق يؤكد ابن خلدون ان حملة العلم في الاسلام اكثرهم من العجم "من الغريب الواقع ان حملة العلم في الملة الاسلامية اكثرهم العجم وليس من العرب حملة علم لا في العلوم الشرعية ولا في العلوم العقلية الا في القليل النادر, وان كان منهم العربي في نسبه فهو أعجمي في لغته ومرباه ومسيخته مع ان الملة عربية وصاحب شريعتها عربي".لقد تعمدت ذكر بعض مقتطفات مقدمة ابن خلدون والخاصة بالعرب.. حتى لا يبالغ نوابنا في مدح عاداتنا وتقاليدنا وتراثنا على حساب الامم والشعوب الاخرى التي قدمت للبشر التقدم والتطور الانساني.كل ما نريده من نوابنا هو الاستمرار في اهتماماتهم بالمؤخرات وترك مقدمة ابن خلدون للغرب الذي استفاد منها لتطوير حضارته الانسانية في مجال علم الاجتماع.
*نقلا عن جريدة "السياسة" الكويتية