Sonntag, Mai 20, 2007

بنات نعش يرقصن عاريات.!!

بقلم: فادي عزام


تشي غيفارا لم يكن خائفا حين واجه رصاصات القاتل، وغاندي كذلك،
خليل حاوي قتله الجميع بمسدسه الشخصي، وأنطون سعادة تأرجح قتيلا وهو يصيح تحيا سوريا. فرج فودة كان على موعد مع الرصاص لأنه جعل للحقيقة الغائبة حضورا صريحا لا يحتمل.

بينما رقد ناجي العلي ليكمل رسوماته على مهل في لندن لأن الرصاصة عشقت دماغه فرفضت الخروج ولما انتهى من درز رقعة جديدة على ثوب"حنظلة"، أوقف عمل أدوات الإنعاش.

تناثر جسد غسان كنفاني في بيروت كرماد الحلاج في بغداد، وبقي محمود درويش على قيود الحياة.

السهروردي ضاقت به الأرض فحجز موعدا في السماء ليكمل قصيدة أطربت الملائكة وتراقصت المذنبات على إيقاعها، وزغردت بنات نعش.

وخط جسد الحلاج على الأرض، كلمة الله، فقالوا شهد دمه بأنه مسلم فرد التشريعيون ولماذا لم يشهد دم الحسين بذلك؟ فرد التأويليون لأنه لا يحتاج التأكد ومازال السجال مستمرا، حتى صار نهرا كبيرا باسم الله من الدم الخالص.

لوركا: أطلقه جلاده في الغابة وأطلق النار على ظهره، يا ترى أية عبارة خطها دمه بالاسبيوري " أية قصيدة عن الحب الذي ينهش بالرجل فيجعله حرا. وبعدها يحب.

كيف يحب الرجل إذا لم يكن حرا ؟ ؟؟؟؟

رشيد بوجدورة : احتفل بقتله النظام والأصولية معا.

وحسين مروة ومهدي عامل شُيعا في نفس الشهر ونفس القتلة ونفس السبب

ونجيب محفوظ: طعن في رقبته لأنه أمسك يوما الغيب من زلعومه .

جميع من سبق ومن في فصيلتهم باستثناء " المدعو تشي غفارا " لم يحملوا سلاحا ولم يطلقوا نارا على أحد. باستثناء خليل حاوي، أطلق رصاصة واحدة على رأسه وهو يغني يعبرون الجسر في الصبح خفافا أضلعي امتدت لهم جسرا وطيد.

كانوا يملكون فقط فكرة، فكرة لم تعجب عقلا أقل ما يقال عنه أنه نتن، محشو بالتغيب والإلغاء، والتزييف والمصلحة والأنانية وإلى آخر القائمة الصفات التي يعرفها جيدا القتلة ومشاريع القتلة ومن في عهدتهم أو من يدافع عنهم باسم الدولة وأمنها والمجتمع وأخلاقياته.

لم يطيقوا سماع قصيدة أو يقرؤوا كتابا أو يهضموا مقالا. التهم جاهزة والمحاكمة معقودة منذ سرقوا سلطة الله، وسمسروا على عهدته.

عنف لا يصدق معزز بالبارود وال"تي ان تي" وكل الحقد الممكن أن ينتجه الحيوان الراكد في قاع الجسد لمواجه فكرة لإخراس كلمة، لمصادرة غمامة بيضاء على شكل قصيدة .

وبالمقابل نتحف بالمزيد من الرموز المفرطة الذكورة والقوة تحتل المخيلة والعقل الباطن وما تبقى من العقل " الواضح"

فعلي بابا استطاع أن يسرق الأربعين حرامي، ويصبح بطلا شعبيا في حكاياتنا شهريار الذي نكح عشرات النساء وقطع رؤوسهن ليكونوا عبرة لفرط الذكورة بينما شهر زاد تواصل خياناتها مع مسرور.

عنترة العبسي أبو الفوارس المكر المفر، يقدم قرابينا من الجماجم لعبلة في "برقة ثهمد" وعبلة مشغولة برفي جوارب سيدها الذي ينكحها أنّا شاء.

الزير الخطير يعلن حربا كونية على بكر، وكليب دكتاتورٌ يخط بدمه لا تصالح .

أربعون ألف مسلم، تعانق دمهم المقسوم بين شيعتين في صفين نتيجة برهة ديمقراطية ابتكرتها عورة عمرو بن العاص سميت مجازا بالتحكيم.

خالد بن الوليد، يقتل صحابي شكّ بولائه يحتال على الصحابي عمرو بن المعد بن يكرب ويأسر زوجته كرهينة كي يرده إلى جيوش الفتح، بعد حروب الردة.

الحجاج بن يوسف يصيح يا أهل العراق يا أهل الفتنة والنفاق، أرى رؤوسا قد أينعت وحان قطافها تاريخ دامي ، لم ولن يكتب، رموز تحتل المخيلة لا أحد يجرؤ على المساس بها قطيع يحتاج الأب والراعي، المعلم والهادي، ولا تبرح صوره تتكرر وتتكور لكي تظل حاضرة ماهرة معاصرة تُعاد وتُستعاد مكرسَة في الروح والمخيلة واللغة والدراما التاريخية.

مازال الخليفة ظل الله على الأرض، مازال الإمام صوت الله على الأرض، مازال الفقيه ضمير الله على الأرض وحده الله تم أسره والتنكيل به وتهجيره من الأرض

إنه جمال سليمان في كل أدواره التاريخية يحرر المدن وينْظم الشعر وينَظّم الفيء ويوزع الجند على أسوار المدينة، أنه دريد لحام يرسم البلاهة على وجوه الأطفال ويردد مع ريما بندلي "عطونا الطفولة"

انه عبد الناصر يتقن كل أدوار أحمد زكي، ويجعل القطيع من المحيط الثائر للخليج الهادر يتوسلون أن يعود زعيما وأبا ومهديا وهاديا بعد حرب (النكسة )

فإذا كانت إسرائيل جعلت جيوشنا تفر في ستة أيام فلن نجعلها تحرمنا من فيلم عبد الناصر الذي استمر ستة عشر عاما بلهجة مصرية، ليكمل الكومبرس المشهد لاحقا بباقي اللهجات العربية والقراءات السبع.

وعلى سيرة عبد الناصر، كان هتاف نساء سوريا يوم زارها في 1960

يا جمال ويا رحيم ..... خوذ رجال وهات طحين.

يومها سمع عبد الناصر النداء جيدا، فأرسل لهم السراج وعبقرية عبد الحكيم عامر فأخذ بقسم من الرجال إلى السجون وجر الباقي من خصيهم للهزيمة في ستة أيام وفي السابع استقال.
أليس هذا عمل الآلهة أيضا ؟
وخصوصا حين لا يأتي الطحين ويأكل الأجداد والآباء والأبناء الحصرم ويضرسون.

ودرب الأجهزة السورية على التذويب بالأسيد، وابتكر أدهى الوسائل مكرا للإيقاع بالخصوم، لا لأن السوريين كانت تنقصهم المخيلة الدموية، بل لأن كل ما يحتاجونه هو المبرر لصنع عبد الناصر على طريقتهم (لأنه بالطبع الفراعنة ما أحلى كثير من الآراميين ، والفسيخ والكشري لا يأتي شيئا حد "الست زبئي" و"حراء أصبعو").

عقل عربي تم ترويضه بلغة العنف والتخوين والإلغاء والتخويف، مجد تليد تم تبديده عبر أطول مسلسل مكسيكي في التاريخ، أرقام قياسية في المجازر والمنابر والمقابر الجماعية، تفوق لا يضاهى في تبديد الثروات ونكح النساء وإنشاء المحطات التلفزيونية، مواطنون سحبت مواطنتهم واستبدلت ببطاقات تموين وأرقام متسلسلة في فروع الأمن العربية، وحدة عربية مجرد ذكرها يترافق معها كلازمة نفسية شعور بالغثيان، فقط اجتماعات وزراء الداخلية والمخابرات العرب تكلل بالنجاح وتتطبق وتنفذ حرفيا التوصيات والمقترحات .

هما اتجاهان، واحدة مجرد فكرة قوامها الكلمة لا يحميها شي ولا ويملك صاحبها إلا هي. والثانية مجرد فكرة أيضا لكن صاحبها يريد حشوها بالرأس ونخاع الشوكي للآخرين ولو اضطر لقتل الآخرين وإنزال الفكرة بهم.

لكل واحدة مروجوها وناسها وأبطالها وحكاياتها كل واحدة تحاول إخراس الثانية بطريقتها وكل الرصاص والمدافع ربما ستفضي يوما إلى السكوت والصمت عندها قد يتسنى لنا أن ننصت لزغاريد بنات نعش وهن يتعرين ويتراقصن على إيقاع قصيدة لسهروردي.

0 Kommentare:

Kommentar veröffentlichen

Abonnieren Kommentare zum Post [Atom]

<< Startseite