Sonntag, März 23, 2008

خذي الحكمة من نهيق الحمير


زاكروس عثمان

كان الحمار أبدا محل تقديري, فهو المثل الأعلى لي في


الحياة لأنني الطفل القروي لاحظت في سكون الحمار وحركته ووقاره حكمة سامية
وفكر مستنير , ولا تظنوا أنني هنا اسخر أو أتسلى أو أضيع وقتكم بلا طائل في مدح الحمير , أتفهم موقفكم إذا استنكرتم علي ذلك , لأنكم لأسباب احترمها لم تجدوا وقتا حتى تثقفوا أنفسكم في علم حميرلوجيا , بعكسي أنا الذي وضعت أسس هذا العلم الجديد , اقسم لكم برأس زوجتي وأطفالي الثلاثة وبرأسي اردوغان وجاره نجاد وقبر صدام ولحية بن لادن وكوفية الظواهري وأسنان الوزيرة السمراء غوندي وبجمال معشوقتي هيلاري الحسناء , اقسم بأنني جاد كل الجدة في طرح اكتشافي العلمي الذي لا يقل أهمية عن اكتشاف خالي انشتاينو الذي أعطى سر فناء كوكب الأرض لأكثر المخلوقات نجاسة وشرا, بينما نظريتي هي لصيانة الكوكب وحفظ الحياة , انتم أحرار في متابعة القراءة أو عدمها , قبل إن ادخل في التفاصيل ولو كنت مكانكم ما تابعت القراءة .
حين لاحظ والدي أنني اجلس قبالة الحمار شاردا أراقب تأملاته العميقة صاح في أمي لعنة الله على حظي العاثر الأولاد يذهبون إلى المدرسة وابنك اتخذ الحمار أستاذا , ثم شدني من إذني مهددا إنه سيجعله بطول إذن الحمار و يربطني بجانبه ما لم أتخلى عن مجالسته, ولكن شغفي بدراسة طبائع مجتمع أخوتنا معشر الحمير كان أقوى من تحذيرات المرحوم فرحت سرا أتواصل مع حمير القرية خاصة الحمار قلندر الذي كان النبوغ باديا في عينيه منذ كان كرا , كانت رحلتي في طلب علم الحميرلوجيا لا تقل مشقة عن رحلة دارون في دراسة أصل الأنواع , ومن أهم المصاعب التي واجهتني في دراسة انتروبولوجيا الحمير هي مشكلة اللغة , فالأساس في علم الانتروبولوجيا هو تعلم الباحث لغة المجتمع الذي سيجري أبحاثه عليه حتى يتواصل مع أفراده ويتعرف على عاداتهم وتقاليدهم وأعرافهم ليستشف منها طرائق حياتهم وتفكيرهم ومعتقداتهم وفلسفتهم وقيمهم , فأخذت أتمرن على النهيق معتقدا إن العملية سهلة ولكن تبين لي إن لغة الحمير أصعب من اللغة الصينية وبالكاد بعد مرور سنين تعلمت إصدار مقاطع صوتية من حنجرتي تشبه لحد ما النهيق , فذهبت إلى قلندر متبخترا ووضعت فمي قرب إذنه وأطلقت صوتي نهيقا , وما كاد أستاذي في الأدب الحماري يسمع نهيقي حتى ألقى بنفسه أرضا يتقلب على جنبيه يسارا ويمينا يشنهق وهو يضع حوافره على بطنه وعيناه تكاد تفقأن , فعرفت انه يضحك علي يعني أنني رسبت في امتحان اللغة , فلم تبقى لدي حيلة سوى إقناعه بفتح دورة تقوية خصوصية كما يفعل معظم المعلمين , انتهت نوبة ضحكه فاقترب مني وأطلق نهيقا ما سمعت اطرب منه في حياتي , كانت قصيدة وجدانية حالمة ترجمها لي كونه يجيد لغة البشر بطلاقة , شيء فشيء علمني قلندر الحكيم فنون النهيق لأمتلك كنوز لغة الحمير الأدبية والعلمية والفلسفية والمعرفية وصرت متبحرا في مفرداتها الثرية وقواعدها , فصار بمقدوري التواصل مع مجتمع الحمير , وكان هذا رأس الخيط الذي قادني إلى اكتشاف نظريتي العلمية من خلال التعرف على حياة ومعيشة الحمير والوصول إلى طرائق تفكيرهم ومعتقداتهم ,لن أبالغ إذا قلت أن أعظم انجاز في علم الانتروبولوجيا قد تحقق على يدي حيث ابتكرت منهج بحث علمي جديد وهو علم نفس الحمير الذي استطعت به تحليل الجانب النفسي والذهني والروحي لدى الحمير , فصارت لدي خريطة سيكولوجية متكاملة عن تضاريس كينونة الحمار , فإذا بي أمام حقيقة علمية مذهلة تبرهن امتلاك الحمير لنوع فريد من فلسفة بالغة الرقي لم يصل إليها القردة ولا أولاد عمومتهم البشر , بموجب هذا الكشف العلمي البعيد عن السياسة قدمت بحثي إلى منظمة الوحوش المتحدة للثقافة والعلوم اقترح فيه إن يعاد النظر في ترتيب جدول الكائنات الأكثر رقيا وتحضرا على ضوء الحقائق العلمية التي قدمتها على إن تكون المرتبة الأولى للحمير والأخيرة للبشر , طمعا مني في نيل جائزة نوبل , وللأسف أهملوا البحث لأنني خبير من دول جنوب , فلم يتبنى احد نظريتي سوى المصونة ب . باردو التي اكتشفت متأخرة إن المدينة الفاضلة التي يدعي البشر أنهم يحلمون بها وهم يكذبون أنما هي واقع قائم في دنيا الحمير, كنت أثناء شبابي معجبا بالفاتنة ب. باردو وكمخلوق من أنجس المخلوقات وهم البشر عملت على استغلال عواطفها النبيلة نحو الحمير فاتصلت بها مقترحا التعاون بشأن الحمير, فهي من دول الشمال ولها علاقات قوية مع زعماء الأمم المتوحشة وبمقدورها تمرير مسألة إعادة تصنيف الكائنات الحية لصالح الحمير , ولكننا لم نتفق على الشروط فقد اقترحت عليها إن أعطيها أبحاثي عن الحمير كاملة مقابل إن تعاملني معاملة الحمير التي في حوزتها , فرفضت المشروع لأسباب مقنعة , حيث بينت أنني من البشر أولا ومن الشرق الأوسط ثانيا فإذا وضعتني بين حميرها من يضمن لها أنني لن افسد أخلاقهم السامية خاصة أنني أجيد لغتهم ومن يضمن أنني لن أغذيهم أيديولوجيا توتاليتارية متطرفة يسارا أو يمينا أو دينا واسقيهم ثقافة العنف والتعصب واغسل عقولهم وعواطفهم وأدربهم على القتال وحمل السلاح وأحولهم إلى إرهابيين – انتحاريين , لم تكن هذه النوايا موجودة في رأسي فانا مشبع بثقافة الحمير امقت العنف والقتل ,كانت نيتي الفوز بقلب ب.ب الجميلة وليس حميرها ولكن دون جدوى .
تابعت أبحاثي ونلت درجة دكتور في باراسيكولوجيا الحمير , وكما يحدث لمعظم العلماء في البداية يذهبون إلى مجتمع غريب لغاية دراسته وحين تطول إقامتهم ويتعرفون عن كثب على ثقافة ذاك المجتمع ويكتشفون حقائق مذهلة فيعجبون بها وتحدث أواصر الألفة بينهم وبين أفراد المجتمع فيقررون التخلي عن وظيفة الباحث والتحول إلى أفراد اصلاء في مجتمعهم الجديد , وهذا ما حدث لي إذ بعد انتهاء البحث وجدت صعوبة في التخلي عن دنيا الحمير فقررت الانضمام إليهم إلى الأبد .
ولو استفيض في الشرح فسوف يأتي الناس أفواجا يطلبون اللجؤ الإنساني أو السياسي إلى بلاد الحمير , والخوف كل الخوف إن ينقل البشر أمراضهم وخستهم ونذالتهم إلى مدينة الحمير الفاضلة ليفسدوا فيها كما افسدوا دنيا الإنسان ويحولوا حياة الحمير من النعيم إلى الجحيم كما حولوا جنة الإنسان إلى سعير , هذا يهدد الأمن القومي للحمير , قد تعتقدوا أنني استخدم الحمار كرمز لا ولله أنما اعني الحمار بشحمه ولحمه ونهيقه , الحمار أفضل مليون درجة من غالبية الكائنات التي تسير منتصبة القامة , فالحكمة المتوفرة في رأس الحمار وفي ذيله وفي إذنيه الرائعتين وفي حوافره وفي عضوه حين ينتصب يضرب حكمته الفائضة ببطنه لا تتوفر لدى ابرع حكيم بين البشر, الحكمة الأولى إن الحمار الموقر ينهق ليعلم البشر الكف عن سفك الدماء .
ليتكم تنظروا إلى الحمار الذي سبق حكماء الهند إلى فن اليوغا كيف يعيش خلوة تأمل روحية - نفسية عميقة ليتطهر من الأحقاد والضغائن ويتسامى فوق الأنانية وحب الامتلاك فلا يفكر بقهر الآخرين حتى يحقق رغبات غير مشروعة على حساب أبناء جنسه الحمير أو على حساب الخلائق الأخرى شركائه في الكوكب الذي يجب المحافظة عليه , الحمار ينظف البيئة وهناك وحش بشري يدمرها فمن يكون الحكيم الأصدق , يقال إن الحمار الأول حين خلقه ربه لم يطلب شيء غير الحكمة فأخذ يطيل إذنيه حتى يسمع أسرار الكون ليلتقط الحكمة التي حلت فيه رويدا رويدا وطال مكوثه في تلقي سر السعادة ألف عام حتى امتلأ روحه بها فشعر بسعادة غامرة حين تعلم الصبر فأطلق فرحة الفوز العظيم نهيقا خالدا يتوارث جيل بعد جيل .
هل تعلم إن العولمة التي يتجادل البشر بشأنها اليوم بين معارض ومؤيد , قد عالجها الحمير منذ خلق الكون حين حققوا عولمتهم في دولة عالمية جمعت كافة أطياف الحمير .. اقتصادهم حر .. علاقتهم الاجتماعية مفتوحة .. لغتهم موحدة عالميا مع احترام لهجات النهيق المحلية واحترام الخصوصية الثقافية والقومية لكافة حمير العالم.. ثقافة متسامحة لا تعرف تعصب عرقي أو ديني بين حمار كردي وحمار تركي بين حمار اسود وحمار ابيض أو ملون بين أنثى وذكر , عولمة لها مضمون حضاري قائم على العدل والمساواة لا استغلال لا اضطهاد لا ظلم لا قهر , مجتمع الحمير مجتمع أممي - شيوعي عالي التطور تنتفي فيه الملكية الخاصة التي هي أساس كل الكوارث التي يشعلها البشر , إن انتفاء الملكية الخاصة يعني انتفاء السلطة لان الملكية الخاصة تنتج السلطة فإذا انتفت السلطة انتفى القهر وهذه هي حكمة الحمير التي قفزت بهم إلى مجتمع ما بعد الدولة أو ما يسمى جنة الشيوعية التي تدير نفسها بنفسها دونما حاجة إلى أدوات القهر فالخيرات مشاعة للجميع حسب حاجاتهم فلا تكون حاجة إلى حمايتها لأنها ملك الجميع , لقد نجح الحمير في العبور إلى الشيوعية الحقة وفشل البشر, فمن الأذكى ومن الأنبل , ليس ثمة مشاكل تواجه الحمير سوى عدوان البشر عليها ولأنها حكيمة تغض النظر حتى لا تهبط إلى مستوى بشر اقل منها مكانة ولكنها لا ترضى بالظلم فتركل للدفاع عن نفسها وتأديب المعتدي , إلا أنها غير مؤمنة بالعنف تعيش بسلام وأمان واستقرار في مجتمعاتها خالية من العقد النفسية والأزمات القلبية والجلطة الدماغية لانتفاء ضغوطات الحياة التي تسبب للبشر مثل هذه الأمراض , لم اسمع سوى بحمار واحد انتحر في الجزائر ليس حزنا على حبيبة فارقته أو أموال خسرها أو احتجاج على ظلم الحكومة بل لأن بشري أفرط في سؤ معاملته فذهب وألقى نفسه في البحر ينقذ كرامته الجريحة والله انه شهيد .
كان لدى السومريين آلهة لرعاة الحمير اسمها ninhorsag ظهرت لي في ليلة حزينة قتلوا فيها بعض الأحبة , فاوحت ألي بهذا العلم وقبل إن تغادرني صنفت الخلائق كما يلي :
الحمار أنبل مخلوق يليه القرد يليه مراتب متفاوتة من الوحوش ذي الأربع قوائم التي لا تقتل أفراد نوعها وان قتلت نوع آخر فمن اجل طعامها وحين تشبع تنتهي عندها غريزة القتل وفي المرتبة الدنيا الوحش ذي القائمتين المنتصب القامة الكائن الوحيد الذي كلما ازداد شبعا وقوة يزداد رغبة في قتل أبناء جنسه والأجناس الأخرى ليس بحثا عن الطعام بل لأن غريزة القتل متأصلة فيه فهو مخلوق نجس ومنحط , سألت ninhorsag متلعثما هل الإنسان من فصيلة البشر فقالت لا الإنسان ارتقى روحا وعقلا وعاطفة وفكر وقيم , لذلك يكره القتل ولكن ليس له مرتبة انه نوع محير ونحن في بانتيون الآلهة لم نتوصل إلى قرار بشأنه .
بقي إن أعطيكم نشيد الحمير مع الترجمة :
عاعع ..عععاع
عـــــــــــــــعـــــــــاع أأأأعع
ععـــــــــــي اععي عن
اع اع اع
اع ع ع حــــــــــــــععع عااا عا ع ع
الترجمة :
جنس واحد
قلب واسع
حكمة نهيق طريق
عاش عاش عاش
شعير تبن للجميع
sibasdar@gmail.com

0 Kommentare:

Kommentar veröffentlichen

Abonnieren Kommentare zum Post [Atom]

<< Startseite