Freitag, Dezember 07, 2007

صعوبات قيام المجتمع المدني في سوريا (الحالة الكردية نموذجا

ميديا يوسف

لقد تعددت الدراسات حول مفهوم المجتمع المدني منذ قرون مضت والمعروف حول مفهوم المجتمع المدني انها تحمل خصائص الأمة التي أنتجتها وقد تعددت أراء الباحثين حول تعريف المجتمع المدني ومنها (ان المجتمع المدني انعكاسا في الأخر وفي ارتباطه الصميمي بغيره من مقولات الاختلاف والتعدد والتعارض والتناقض فهو مؤسس على العقلانية) ومن الشروط المادية لقيام المجتمع المدني وجود مؤسسات متعددة من المنظمات والهيئات التي تعمل في ميادين مختلفة باستقلال عن حكومة الدولة مثل الأحزاب السياسية التي تسعى الوصول الى السلطة والمشاركة في صنع السياسات والنقابات واتحادات الكتاب والجمعيات العلمية والثقافية التي تسعى الى نشر الوعي ومن المقومات الأساسية لقيام المجتمع المدني التعددية الدينية والعرقية وتحقيق النظام والانضباط في المجتمع لفرض الرقابة على سلطة الحكومة وضبط سلوك الافراد والجماعات تجاه بعضهم والتعبير والمشاركة الفردية والجماعية وتحيق التكافل الاجتماعي والوفاء بالحاجات وحماية الحقوق وتوفير الخدمات ومساعدة المحتاجين وتحقيق الديمقراطية وبالنسبة لنا في سوريا التي تتصف بالتنوع الديني والقومي كلوحة فسيفسائية فإن طابع المجتمع المدني يأخذ كتلة وواحدة أو متجانسة لا يوجد فيها أي اختلاف أي كحركة جسد بدون روح بالرغم من امتلاكها لمقومات المجتمع المدني الناجح وذلك لعدة أسباب من أهمها:
اولا: عدم الاستقلال لتدخل السلطة في المجتمع بحيث يضيق مجال الحركة المتاحة للجماعات المختلفة.
فالقيام بأية اعمال سواء كانت ثقافية أو اجتماعية أو خيرية متعلقة بمواضيع صغيرة تتدخل فيها السلطة بدون مبرر ويقبلها المجتمع لا بقناعتهم بل العكس.
ثانيا: غياب الحرية والديمقراطية داخل المجتمع المدني فالأفراد محرومون من حرية التعبير والرأي وطرح وجهات النظر في صالح المجتمع وان تجرئوا على القول بشيء ما فيكونون عرضة للانتهاكات والاعتقالات بدون أي مبرر قانوني كما أن غياب الديمقراطية داخل المؤسسات يفقد روح المنافسة والمشاركة فالمؤسسات والجمعيات والجامعات السورية كما هي منذ الاستقلال بدون أي تغيير وقد عشش فيها الفساد والروتين
ثالثا: وهو العنصر الأهم والأساسي للوصول إلى حالة المجتمع المدني هو الشعور بالانتماء الوطني والحقيقة ان هذا الشرط يعتبر من أهم العناصر لتحقيق التماسك والترابط لإيمان الأفراد بأنهم يتمتعون بهوية مشتركة وأنهم قادرون على الدفاع عنها وحمايتها وهي مجموعة الحقوق والمسؤوليات التي تربط الأفراد بالدولة بغض النظر عن الاختلاف بينهم ولكن في سوريا يأخذ هذا الطابع مسارا أخر وهنا سأركز على الجانب الكردي من الموضوع لأنني أعيش في مجتمع غالبيته من الأكراد حيث يشكل الأكراد نسبة 15% من أجمالي سكان سوريا أي القومية الثانية في البلاد بعد القومية العربية وهم أبناء الوطن السوري منذ أن رسمت الحدود بين سوريا وتركيا إبان أاتفاقية سايكس بيكو عام 1916 فبعد حصول سوريا على استقلالها من الاستعمار الفرنسي عام 1947 ولحد الان فأن أغلب الحكومات التي أستلمت مسؤولية السلطة في سوريا قامت بممارسات عنصرية ظالمة ضد مواطنيها الأكراد واتهامهم بسيل من التهم كالانفصالية والخيانة والشعوبية... الخ هذه الممارسات والاتهامات الباطلة حرمت غالبية كبيرة من الأكراد بالشعور بالانتماء الوطني مما أدى الى تشكيل فجوة شاسعة بينهم وبين الحكومات السورية من جهة والمواطنين السوريين من جهة اخرى وهذا بحد ذاته أفقدهم طابع التواصل مع بقية الفعاليات السورية الأخرى اجتماعية كانت أم سياسية أم ثقافية وبالتالي أضعفت شعورهم بالانتماء الوطني السوري كما أن هناك أسباب أخرى ساعدت في اتساع هذه الفجوة منها:
1- تهميش الأكراد وعدم السماح لهم بالمشاركة في الحياة السياسية وعدم السماح لهم باقامة جمعيات ثقافية خاصة بهم وعدم الاكتفاء بذلك بل القيام بتجريد قسم كبير من اكراد سوريا من الهوية السورية من خلال الإحصاء الاستثنائي الذي أجري في منطقة الجزيرة في 23 اب 1962 والتي جردت حوالي 250 الف من الاكراد السوريين من هوياتهم السورية بذريعة انهم ليسوا مواطنين سوريين بل أنهم قدموا عبر الحدود التركية الى الأراضي السورية..
2-سياسة الأحزاب الكردية التقليدية التي فرغت نفسها أساسا للدفاع عن حقوق الأكراد ومطالبهم ولكن معظم تلك الأحزاب تحولت مع مرور الزمن الى عبء ثقيل على المواطنين الأكراد لأنهم لم يستطيعوا احتواء الأكراد وتلبية مطالبهم كما أن المصالح الفردية والحزبية الضيقة أصبحت من السمات الأساسية التي تتسم بها هذه الأحزاب فأصبحت هذه الاحزاب تدافع عن أفرادها الحزبيين أكثر مما تدافع عن الاهداف الكردية هذه السمة شكلت شرخا واضحا من فقدان الثقة بين المواطنين الاكراد والاحزاب الكردية..
3-افتقار الاكراد الى المثقفين النخبويين فالمثقف الكردي في سوريا قسمان: قسم تابع الى الاحزاب الكردية ومهمته القاء المحاضرات التي تمتدح الحزب الذي ينتمي اليه وكتابة المقالات التي تدافع عن سياسة الحزب سواء كانت سياسة الحزب خاطئة أم صحيحة فقط بغية الحصول على بعض الامتيازات المادية والمعنوية من هذا الحزب.. أم القسم الاخر من المثقفين والذين يتصفون بالحيادية فلا يرون دعما ولا تشجيعا لا من الاحزاب الكردية ولا من الحكومة السورية (التي لا تهتم بالاساس بالثقافة وبالمثقفين) لذلك فهو مكبل بالبحث عن لقمة عيشه في وطن يعيش معظم أفراده في حالة من الفقر ولذلك فهو مضطر للعمل الاضافي في أماكن لا يليق بالمثقف العمل فيها وبالتالي عدم القدرة على الاستفادة من أمكانيتهم الثقافية..
ولعل الحالة الكردية التي قد ذكرتها تنعكس بشكل أو بأخر على بقية الفئات الاخرى في المجتمع السوري ومن أجل ذلك أود التأكيد انه بدون مجنمع مدني لا وجود للمجتمع لأنه أحد اشكال التنظيم الاجتماعي ولعل الصعوبات التي ذكرتها تأكد ابتعادنا عن منطق العقلانية في هذه المرحلة الحساسة التي تستوجب قيام مجتمع متماسك حر يملك مقومات المجتمع المدني لمواجهات هذه التحديات.

0 Kommentare:

Kommentar veröffentlichen

Abonnieren Kommentare zum Post [Atom]

<< Startseite