Sonntag, August 26, 2007

Jean – Paul Sartre


أبرز المتحدثين باسم الوجودية الفرنسية في الفلسفة والأدب والمسرح والرواية. وُلِد بباريس سنة 1905 وتوفي سنة 1980، أبوه مهندس بحري مات في الهند الصينية و"سارتر" في الثانية من عمره، وتزوجت أمه وهو في الحادية عشرة، وكفله جده لأمه وكان معلماً مشهوراً للغة الألمانية، وكانت مربيته ألمانية، وتخرّج من مدرسة المعلمين العليا، ولم يكن مبرزا في الفلسفة، وأعاد السنة النهائية، واشتغل مدرساً ثانوياً للفلسفة بالأقاليم، وكانت "سيمون دي بوفوار" زميلته في الدراسة، وقرأ "هوسول" فسافر إلى " برلين" و " فرايبورج" يتتلمذ عليه لمدة عامين (1933-1935)، وعاد مدرساً ثانوياً، واستدعي للتجنيد، ولم يكن نظره ولا صحته تساعدانه على الجندية، ووقع في الأسر، ونُقل إلى معسكرات الاعتقال في ألمانيا، وعاد إلى باريس بعد توقيع الاستسلام، ولكنه انضم إلى المقاومة السرية، وشارك "ألبير كامي" و"ميرلو بونتي"، وكان يكتب المنشورات السرية والمقالات والرواية المسرحية برؤية جديدة أذاعت الوجودية حتى أصبحت موضة باريس، واتخذت طابعاً سياسياً التزامياً، وكانت علماً على أدب المقاومة والمواقف، أشهرها في الرواية "الغثيان / La Nausee"، ورباعية " دروب الحرية / Les Chemins de la Liberté"، وفي القصة " الحائط / Le Mur "، و" الحجرة / La Chambre"، وفي المسرحية " الذباب Les Mouches"، و" جلسة سرية / Huis Clos"، و" الأيدي القذرة / Les Mains Sales"، و" الشيطان والرحمن / Le Diable et le bon Dieu"، "وسجناء ألطونا / Les Sequestres d'Altona"، برز بها كداعية للحرية وخصم لدود للحزب الشيوعي، ومنحوه جائزة نوبل للآداب، ولكنه رفضها لأنه اشتم منها استغلال موقفه ضد الشيوعية، وأصدر مجلة " العصور الحديثة / Les Temps Modernes"، وحاول إيجاد حركة سياسية جديدة تكون نواة لحزب يساري بديل عن الحزب الشيوعي، يستقطب به المثقفين والعمال، وأصدر صحيفة "اليسار / La Gauche" كل أسبوعين، كانت منبراً للحرية وملاذاً للمضطهدين، ووقف من الإرهاب الفكري والتصفيات الجسدية في الاتحاد السوفييتي والمجر مواقف لا تُنسى، ورغم أنه كان ضد بعض المواقف العينية للحزب الشيوعي، وضد بعض المفاهيم في الماركسية، إلا أنه كان يعتبرها فلسفة العصر، لأنها رؤيا الطبقة العاملة التي تتطور بسرعة وتسير نحو فرض نفسها.
وأخذ سارتر على الماركسية أنها تلغي الذاتية الإنسانية باسم النظرة الموضوعية، مع أن الموضوعية قيمة مطلقة يضيفه الماركسي على نظرته الذاتية. وأنكر عليها أن تجزم بوجود حركة جدلية في الطبيعة، بها يصير الجديد إلى ضده ليندمج في مركب آخر، مع أن المادة عاطلة وتعجز أن تخلق شيئا بذاتها. واستنكر أن يكون الجدل المادي قانوناً عاماً يحكم الطبيعة والتاريخ والفكر، لأن ذلك يعني أن التاريخ يتحقق خارجاً عنا ودون حاجة إلينا. ويعتمد سارتر بشدة على النقد، ويستمد معظم أفكاره من الفلاسفة الذين يتعرض لأعمالهم بالنقد، ويكاد يقتصر تراثه الفلسفي على فلاسفة العقلانية والمثالية من "ديكارت" حتى "كنط"، ومن "هيجل" حتى "هوسول" و"هايدجر"، ويبدو واضحاً تأثره العميق في مراحل حياته بـ"هوسول" أولاً ثم بـ"هايدجر" و"هيجل"، وأخيراً بـ"كارل ماركس"، ولقد بسط أفكاره في كتب كانت معالم لتطورات ثلاثة في حياته، ففي الطور الأول كان سيكولوجياً ظاهرياً، نشر " تعالى الأنا / La Transcendence de I'Ego" ( 1936)، و"نحو نظرية في الانفعالات / Esquisse d'une theorie des emotions" (1939)، و" الخيالي: السيكولوجية الظاهرية للخبال / L'Imaginaire: psychologie phenomenologique de l'imagination" (1940). وفي الطور الثاني كان أنطولوجياً ونشر " الوجود والعدم: بحث في الأنطولوجيا الظاهرية L'Etre et le Neant: Essai d'ontologie phenomenologique" (1943)، و" الوجودية مذهب إنساني / L'Existentialisme est un Humanisme" (1946). وفي الطور الثالث كان وجودياً له ميول ماركسية، ونشر " نقد العقل الجدلي / Critique de la raison dialectique" (1960).
وتقوم سيكولوجية "سارتر" الظاهرية في الخيال والانفعال على اعتبار الانفعال ضرباً من الوجود الإنساني، وأنه ليس حالة شعورية داخلية، وليس شيئاً عارضاً كما يدعي الفرويديون، لكنه حالة شعورية مرتبطة بموضوع خارجي. ويتناول علم النفس الوجود الإنساني في علاقته بالعالم الخارجي، كما هو في عدد من المواقف، في البيت، والعمل، والنادي، والمقهي، والمدرسة، والحرب ..إلخ. وهو مثلاً في الحرب يعادي شيئاً، ويقتضي منه انفعاله تجاه هذا الشيء ضرباً معيناً من السلوك يستهدف به تغيير حالة الموضوع محل عدائه. وهو يقتل ويدمر لأن من يقتله أو ما يدمره مشكلة بالنسبة له قد استعصى حلها ولم يجد لها الحل إلا بالقتل والتدمير والإزالة. وسلوكه ضرب من السلوك المتخيَّل، لا يريد به حل المشكلة كما تُحل المشاكل، لكنه يمارس به تجاهها سلوكاً كالسحر يفترض أن يحلها، يمليه عليه خياله، والخيال إنكار للواقع يتخيًل به صاحبه أن المشكلة غير موجودة، والخيال ليس إدراكاً للواقع، ومع ذلك فهو شعور بشيء، لكنه ليس شيئاً داخل الشعور، وإنما هو شعور بشيء غائب توهَّم أنه حاضر وموجود.
والوجودية ليست في الأصل مذهباً، بل إنها تتمرد على المذهب، لأنه لا يمكن أن يكون ثمة مذهب للوجود، فالوجود، بما هو، حياة وليس موضوعاً للتفكير، وقضايا الإنسان لا يمكن أن تكون معادلة مطلقة، بل هي مشاكل عينية، وفارق بين الموت مثلاً كموضوع وبين "أني أموت"، فالأولى قضية عامة، والثانية مشكلة فردية، والفرد يقف مواجهاً للمعنى العام، والفرد ذات، والذات يقابلها العالم الخارجي والغير، والوجود في أصله هو وجود الذات المفردة وليس الوجود على إطلاقه، والإنسان يوجد أولاً ثم تتحدد ماهيته من بعد، فالوجود يسبق الماهية، وهو حر في اختيار ماهيته داخل حدود النوع الإنساني، فهو لا يستطيع أن يختار أن يكون زهرة أو حصاناًَ. والاختيار هو اختيار لموقفه، أن يكون جباناً و شجاعاً، عاملاً أو ثورياً، والحرية تشعره بالمسؤولية، ولأنها حرية كاملة فالمسؤولية فيها كاملة. وتشمل الحرية الأفعال والعواطف، والاختيار في إعلاء لقيم ونبذ لقيم. وإعلاؤه لبعض القيم دون سواها دعوة للغير إلى أن يختاروا ما اختاره، فهو عندما يختار يشرع ويقنن، والقرار الذي يتخذه دعوة للغير كي يتخذوا مِثله، وهو يختار الصالح والخير لنفسه، وصورة الخير في ذاته دعوة للغير كي يتخذوها صورة للخير في ذواتهم، ومن ثم لا تكون مسؤوليته تجاه ذاته لوحدها، وإنما هو مسؤول كذلك عن الآخرين، لأن مسؤوليته تُلزم الآخرين، وشعوره بهذه المسؤولية يفجّر فيه الإحساس بالقلق والهم، وإزاء ذلك يجد الإنسان نفسه أمام حلّين، فإما يُلقي عن نفسه المسؤولية، ويتنازل طوعاً عن حريته، ويختار ما يختاره أغلب الناس، ويخضع لعرفهم، ويتآلف مع قيمهم وتقاليدهم، وإما أن يقبل المسؤولية، ويتقبل حريته، ويختار لنفسه وللآخرين، ويكون مسؤولاً عن نفسه والآخرين. وصاحب الاختيار الأول هو "النذل"، وصاحب الاختيار الثاني هو "الغشّاش". ووجود الغشّاش ممتلئ وخصب، وهو يحس حيال امتلائه بالغثيان، لأن وجوده رغم امتلائه زلق غير محدود، وقد يهرب من غثيانه إلى العِلم بربد به أن يثبت الوجود ويحدده، أو إلى السّحر، حيلة من يعجز عن تثبيت غير المستقر، ويقترض المطلق يعينه على غير المحدود بحدود، أو إلى الجنون يلغي العقل الذي يرفض إلا الحدود والمعايير.
ولكن الغشّاش يرفض العلم، ويسخر من السِّحر، ويتأبى على الجنون، ويواجه الوجود، يقابله بذاته، ويثير الناس بنبذ قيمهم وتقاليدهم، فلا قيمة إلا لما تصدره ذاته، ولا فكر إلا ما يفكر فيه أناه، ولذلك يحس القلق والغثيان اللذين لا يمكن أن يعانيهما النذل الخاضع. والأشياء في الغثيان تكبر أو تصغر، وتتفلطح أو تتكور، وهكذا الوجود، لا ثبات له، والثبات هو ما نفتعله له، أو ما يفترضه الأنذال. أما الوجود فهو بلا شكل، ولا حدود، ولا رائحة، ولا طعم، والزمان بلا ماض ولا مستقبل، والحاضر زلق يفر من بين أيدينا ولا تمسكه عقولنا.
أجل الإنسان موجود، وكذلك الطاولة التي يكتب عليها، ولكن وجود الإنسان يختاره، فهو وجود له أو وجود لذاته، والطاولة لا تختار وجودها، فالإنسان يختار لها، ووجودها لذلك وجود ليس لذاته، ولكنه وجود في ذاته.
ووجود الطاولة لا يخلق قيمة، بل الإنسان يخلقها لها، والإنسان هو خالق القيم، والوجود لذاته يخلق ويُضفي ويَهب ويَمنح. وعندما يعي الإنسان ذاته ووجوده يحس بالنقصان، وقبل أن يعي لم يكن هناك نقصان، وهو نقصان لأنه يريد أن يكون ما ليس له هو الآن. والأشياء لا تعي النقصان، ووجودها كامل. والإنسان يريد أن يكون وجوده كاملاً كوجود الأشياء، أي أن يكون موجوداً في ذاته، وهذا مستحيل، لأنه لا يمكن أن يكون شيئاً وأن يعي في نفي الوقت الأشياء، ومع ذلك يَتوق الإنسان أن يكون موجوداً في ذاته، إلا أنه لا يتحقق ذلك أبداً، لأن ذاته دائمة الفِرار منه، وبعدها عنه لازمة من لوازم الوجود، بل نقيضةٌ للوجود، ومرضٌ للإنسان. والإنسان يحاول أن يلحق بذاته الهاربة، ويقضي على مرضه ونقصه، وفي محاولته يختار بين الحلول، ويُؤثر وينبذ، والنبذ عدم، والعدم لازمة أخرى للوجود، لكن حتى ما يُختار مآله العدم، والحرية هي اختيار العدم، والوجود وجود للعدم، لكن رغم أن ما تختار مآله للعدم، فحرية اختيارك تجعلك مسؤولاً عما اخترت. والمسؤولية تدفع إلى العمل، والعمل هو الإنسان، والإنسان هو أفعاله، والإنسان يفعل ليستكمل النقص في الوجود، لأن الوجود الخارجي وجود في ذاته لا يعي وجوده، والإنسان يريده وجوداً لذاته يعي وجوده، ومحاولته غرور الغرور وعبث.
ورغم أن الإنسان موجود لذاته، لكنه موجود مع الآخرين، وعندما يراه الآخرون يحس الخجل، وخجله مصدره نظرة الآخرين التي تجعله مجرد شيء بالنسبة لهم، وتحيله موضوعاً لنظرهم، ومن ثم فالوجود مع الآخرين وجود صراع، يصارعهم ويصارعونه حتى لا يستحيل أحدهما موضوعاً للآخر ويسلب الآخر وجوده، ويتبادل الإثنان النظرات، وبذلك يستحيل الإثنان ذاتاً وموضوعاً، وبين وجودي كما أعيه، ووجودي كما يعيه الغير، فاصلٌ هو حرية الغير، والغير يمارس حريته تجاهي بأن يعلو عليّ، وعلوّه يسلبني إمكانياتي ويميتها، ويجعله سيد موقفي، ومع ذلك فوجود الغير لازم لوجودي، لأنه يرى ذاتي موضوعاً له، وأنا ارفض ذاتي موضوع الغير، ورفضي لها رفضٌ لوجود الغير، ولكن ذاتي موضوع الغير هي صلتي بالغير، وهي حريتي، لأن عدم انصهارها في وجود الغير دليلٌ على استقلالي ووجودي، وهي وجودي الخارجي، وأنا لذلك أرفضها وأريدها في نفس الوقت، كما ارفض الغير وأريده في نفس الوقت، فالغير هو الجنة والجحيم معاً.
ووجود الأشياء أو الوجود في ذاته، وجودٌ هو مجموع ظواهره، فوجود الطاولة لا يحيل إلى جوهر آخر، ولكنه نفسه وليس له داخل وخارج، بل هو كتلة فيها الداخل والخارج، والعدم لا ينفذ إليه.
ووجود الإنسان أو الوجود لذاته، وجودٌ له داخل وخارج، فالإنسان له ذات، وهو قد يتحول إلى ذاته يأخذ منها أو يضيف إليها ويشريها، فهو سلب وإضافة لهذه الذات. والوجود لذاته هو الوعي، وهو وجود يمكن ألا يكون، فهو كالحادثة سواء بسواء، يوجد بلا سبب ويعيش الحياة عن ضعف حيال الحياة ويموت بالصدفة.
ولقد حاول "سارتر" في المرحلة الثالثة من تطوّره أن يوفق بين الوجودية كما أعلنها في "الوجود والعدم" والماركسية، بوصفها فلسفة ثورية أو فلسفة فِعل، ورَفَض ديالكتيك الطبيعة أو الجدل المادي الذي قال به "إنجلز"، وربط "سارتر" الجدل بالإنسان، وجعله جدلاً إنسانياً، فرغم أن الإنسان موجود مادي يعيش في وسط مادي، إلا أنه موجود يريد باستمرار أن يؤثر في المادة بالمادة، ليستحدث تعديلات في النظام الكوني، ويفجر مواقف جديدة يحرك بها التاريخ، بحيث يرتبط الإثنان، الإنسان والمادة، أو الفكر والوجود، في أحادية مادية تميز الإنسان بنشاطه الإنتاجي أو المادي في العالم، وتحيل التاريخ على تاريخ علاقة الإنسان الحيّة بالمادة. ومع افتراض أن حركة الطبيعة جدلية، إلا أن الإنسان هو الذي يطبعها بطابعه، ومن ثم فالمادية التاريخية، وليس الجدل الذي تقره سوى الجدل التاريخي، حيث تسعى الوجودية لفهم الإنسان في كل مواقفه ولا تتوقف عند مواقفه الاقتصادية، وتتجاوز حاضره إلى المستقبل، وتصف الإنسان بأنه مشروع دائم، وأنه لا يحقق ذاته أبداً، وأنه دائم الخروج من ذاته ليسجلها على المادة ويطبعها بطابعه الإنساني، وليحيلها إلى أشياء وأدوات إنسانية. وهذا البعد الإنساني تُسقطه الماركسية، وتقتصر على التعامل مع الإنسان كموضوع علمي، ومن ثم تستحيل إلى أنثروبولوجيا لا إنسانية. لكن الوجودية بإدراكها للبُعد التاريخي للوجود الإنساني تهيئ الفرصة أمام إقامة أنثروبولوجيا فلسفية، أساسها عقلي جدلي يحاول أن يلّم بحقيقة الإنسان، ويدرك أنها حقيقة متغيّرة لا تتوقف عن الصيرورة، تحاول أن تتجمع باستمرار في صورة حقيقة تاريخية، وأن الإنسان هو الذي يصنع تاريخه، وأنه دائم التجاوز لمواقفه، وأنه لا وجود لأي قانون خارجي أو قوة علوية تفرض إرادتها على التاريخ الإنساني، ومن ثم يرفض "سارتر" الحتمية الاقتصادية الماركسية، ولا يقر بأن الناس مجبرون اقتصادياً وحضارياً ببعض الظروف المادية، ويرفض الجبرية الماركسية التي لا تدع مجالاً للوعي الفردي، لكنه يعترف بأن الوجودية لت تهزم الماركسية، ولن تخرجها من الساحة، ولا أمل للوجودية أن تفرض نفسها كمذهب عصري، لان الماركسية هي الفلسفة العصرية الوحيدة التي تلبي حاجة الطبقات المضطهدة، والعمال بصفة خاصة، ولأنها فلسفة ثورية تستحدث تغييرات جذرية في نُظم الملكية والإنتاج والتوزيع، ولأنها تدعو للعمل وتجعل من العمل والفكر شيئاً واحداً، لكن الوجودية يمكن أن تساعدها، بأن تخرجها من حصار المادية الحتمية، بأن تفسح الوجودية مكاناً داخل الماركسية للحرية الفردية، وأن تكون الماركسية فلسفة واحدية للطبقة العاملة.
والآن ما رأي "سارتر" بعد اندحار الماركسية في أوروبا الشرقية؟ وما رأيه بعد انحسار موجة المدّ الوجودي؟ فلقد وَضُح أنه لا أمل مع الماركسية بوضعها الشمولي الذي هي عليه، وكذلك مع الوجودية بكل سلبياتها التي هي عليه!

0 Kommentare:

Kommentar veröffentlichen

Abonnieren Kommentare zum Post [Atom]

<< Startseite