Dienstag, August 14, 2007

الأحزاب الكردية و المشروع الإستيطاني في ديريك

زيور العمر

على إمتداد نصف قرن لم تفارق « خيبة الأمل» مشاعر الكرد جراء عجز أحزابهم و فشلهم في خلق واقع سياسي « إفتراضي» مخالف للمنظومة السياسية و الإجتماعية التي أسسها النظام البعثي , بحيث يمكن إعتبار كل ما صدر من مواقف و تصورات سياسية « لم تتطور الى مشاريع سياسية واضحة و محددة» على أنها مجرد أصوات إعتراضية مرتدة على الهزات العنيفة التي أحدثها النظام في الواقع الكردي , إتفقت الدائرة السلطوية و الأمنية المهيمنة على عدم جدوى خنقها طالما أنها لا تشكل أي خطر و لا تتجاوز الحدود المرسومة لها .

و بدى مع مرور الوقت أن ثمة « إتفاق » جنتلمان بين السلطة و الأحزاب الكردية على الهامش المسموح للتحرك فيه و عدم تجاوزه , أي ان هنالك تصور مشترك بين ا لنظام و الأحزاب الكردية حول خطورة تسلم القوى الإسلامية مقاليد الحكم على القضية الكردية و أن من شأن الخروج عن الخطوط المرسومة أن يمنح الفرصة و المجال لتلك القوى و هنا يقصد به تحديداً جماعة الإخوان المسلمين , كي تقضي على الشعب الكردي و الهامش المسموح به في الوقت الراهن . و كدليل على وجود هذا الإتفاق و التفاهم الغير معلن , يمكن مراجعة تاريخ سياسات الأحزاب الكردية في سوريا و كيفية تعاملها مع قضية شعبها و حقوقه القومية المشروعة و العادلة للوصول الى قراءة واقعية و موضوعية لأسباب الأزمة السياسية الراهنة في الحركة الكردية .

فبرغم من إتفاق جميع الأحزاب الكردية على الخطوط العامة للمسألة الكردية في سوريا و تشابه البرامج الحزبية الى حد التطابق , إلا أنها تعجز ( لأسباب متعلقة بطبيعة القيادة ) عن توحيد كلمتها و تمتنع عن إتخاذ مواقف مسؤولة و جريئة حيال مصير شعبها , فكما مر الإحصاء الإستثنائي في عام 1962 و الحزام العربي في السبعينات من القرن الماضي بسلام على الأوساط الشوفينية التي وجدت نفسها تنفذ مشاريعها دون إعتراض أو إعاقة , سوف يطبق المشروع الإستيطاني الحالي في منطقة ديريك أيضاُ دون أن تدرك القيادات الكردية خطورة تقاعسها و نتائج إهمالها للمسؤولية التاريخية الملقاة على عاتقها في الدفاع عن شعبها و أرضها و تاريخها . فالمشاريع العنصرية التي تنفذ في وضح النهار في قلب جنوب غربي كردستان لا يمكن و لا يجب مجابهتها بالبيانات و الشفوعات التي لم تجد يوماُ ما نفعاً , و إنما شجع النظام الأمني على التمادي و الإغلال في في عنصريته و سياساته المعادية للشعب الكردي .

إن إصرار قيادات الأحزاب الكردية , بدون إستثناء , على تفعيل الخلافات الثانوية و إلهاء الجماهير الكردية بمسائل هامشية لا تتماشى مع حقيقة الصراع التاريخي الممتدد لعقود بسبب بقاء المسألة الكردية في سوريا بدون حل , و عملها الممنهج على تصفية العناصر النشطة و الكوادر المتقدمة في صفوقها , لصالح أفراد إمتهنوا النزعات الإنتهازية و المصلحية على حساب المصلحة العامة للشعب الكردي , جعلت من الساحة الكردية مفرغة تماماً , و المشهد السياسي المهيمن عليها هشاً , و الإرادة السياسية الضرورية لإحداث تغيير أو إصلاح مغيباً , الأمر الذي أفقد الجماهير الكردية الأمل و القدرة على التفكير بإيجابية في المستقبل .

و كان من نتائج الوضع الخطير الناشئ في الساحة الكردية راهناً عدم رغبة الجماهير الكردية في مطالبة هذه القيادات و أحزابها على التحرك , لانها بدأت تدرك أكثر من أي وقت أخر , أن القوى الحية وحدها هي من تستطيع أن تحركها , فضلا ُ عن أن أي تحرك جدي و منظم و يمتلك أفقاً إستراتيجياً مدروساً بعناية لا تسنده سوى إرادة سياسية صلبة , تمتلكها حصراً قيادات تمرست في الدفاع عن شعبها و ذاقت في طريق النضال الطويل طعم العذاب و المشقة . لهذا كان من الطبيعي أن نشهد من وقت الى أخر فصل جديد من فصول المأساة الكردية في سوريا , و ذلك لأن القوى التي تتدعي تمثيلها للشعب الكردي في سوريا , ما هي في الواقع إلا أطر ميتة , و فاقدة للشرعية , شبيه بثلاجات حفظ الموتى .

و ما يدعو الى المزيد من القلق هو أن بعض القوى و الأحزاب التي إدعت أنها تمثل خطاً جديداً , و أنها تمتلك منطقاً مغايراً , و أنها بصدد تفعيل مرحلة نضالية جديدة , ما هي إلا ابواق منافقة , تمتهن عملاً يقوم على المزايدة و الكذب و تشويه الحقائق للإيحاء بصحة إدعائاتها , التي ما لبثت أن إنكشفت أمام الرأي العام الكردي , و تبين زيفها و نفاقها و فساد بضاعتها .

و عوضاً عن الإستفادة من دروس التاريخ و أخذ العبر من الأخطاء و التجارب السابقة , أمعنت القيادات الكرديةُ , في إرتكاب المزيد من الخطايا و المعاصي , و كانت النتيجة الكارثية هي أن النظام وجد كل الظروف و الأجواء مناسبة للإستمرار في تنفيذ مشاريعه العنصرية بحق الكرد . فلم يعد هنالك أي حديث عن مظاهرة , أو أحتجاج , أو إعتصام , و إنما المزيد من الخلافات و الشروخات و الإنشقاقات و إحتمالات ولادة أحزاب جديدة شبيها بأخواتها من الأحزاب الأخرى . فكما أجازت القيادت الكردية الرحمة على ضحايا الإحصاء و الحزام العربي , سوف تجيز بدون أدنى شك , الرحمة على ضحايا ديريك الجدد !!؟؟.

0 Kommentare:

Kommentar veröffentlichen

Abonnieren Kommentare zum Post [Atom]

<< Startseite