Mittwoch, Februar 06, 2008

أنسنة الإنسان ونبذ السياسة

إن تراكم الخبرات والممارسات عبر التاريخ والأجيال لصناعة الحضارة الإنسانية اسهمت في رقي الإنسان وتحضره، فلا يمكن إدخال الإنسان الفطري لعالم المجتمع دون العمل على حقن منظومة عقله بالأنظمة والأعراف والتقاليد الاجتماعية ليكون إنساناً سوياً وصالحاً في المجتمع. وإلا فإنه ينحاز لسلوكياته وممارساته الفطرية المتعارضة مع الوعي المشكل تاريخياً، فيلحق الأذى بنفسه والمجتمع معاً.ومع تطور الحاجات والمتطلبات للإنسان عبر الزمن، أصبحت المصالح تحكم تصرفاته وسلوكه لحصد المكاسب. وزادت حدة المنافسة لتحقيق الذات، وبذات الوقت تراجعت العلاقات الإنسانية لتبرز أكثر النوازع غير المشروعة لتحقيق المكاسب وعلى حساب الآخرين.هذه (الردة!) عن المكتسبات الحضارية للإنسان الاجتماعي لصالح الإنسان الفطري، تبرز بوضح في سلوك وممارسة السياسيين خاصة منهم الجهلة والأميين الذين استطاعوا تجيير الصراع الاجتماعي لتحقيق ذواتهم وعلى حساب فئات المجتمع المحتكمة لعواطفها دون تفكيرها.هذه المجتمعات المتخلفة، مجتمعات تسد رمق جوعها بالوعود، وتكرس جهلها بالغيبيات، وتبحث عن مشاجب قدرية لتعليق أسباب خساراتها وتخلفها، تبحث عن المُنقذ، الصنم، الديناصور الذي يجييد حقن وجدانها بالشعارات الفارغة وبالوعود الكاذبة.إن ردة المجتمعات المتخلفة إلى عالم الوثنيات وعبادة الأصنام والطواطم...ليست ردة دينية وإن تلحفت بعباءة الدين. إنها ردة سياسية نتيجة حقن متواصل من الفيروسات والملوثات السياسية في وجدانها.السياسة تراجعت قبل المجتمعات إلى عالم الوثنيات. السياسيون الجهلة والأميون، هم نتاج قاع المجتمع، وبتغيب نخب المجتمع من العلماء والمثقفين أصبحت السيادة للجهلة والأميين في عالم السياسة.ولم تعد السياسة، علم لإدارة شؤون الدولة والمجتمع في المجتمعات المتخلفة، وإنما أصبحت عالماً من الشيع والطوائف والممل والكيانات الحزبية، لكل منها صنم تعبده وتقدم الولاء والطاعة والقرابين له وتتصارع فيما بينها لفرض صنمها على الآخرين.المجتمعات المتخلفة دخلت سوق المزاد السياسي لتبيع ربها الأوحد، بعد أن عبدته لعصور خلت، باعت إله الإنسانية واشترت أصنام جديدة تعبدها. جاهدت في تشيد دور لعبادة الأصنام في الكيانات الحزبية...كفرت بإنسانية الإنسان، واعلنت الجهاد في قومياتها وطوائفها وعشائرها لنحر الرب الذي جمع شتاتها وخاط وشائج صلاتها المشتركة، وحقن وجدانها بمفاهيم إنسانية.هذه المجتمعات المرتدة، العابدة لأصنامها من السياسيين. اليوم تدفع ثمن ارتدادها، يعاقبها الرب على أفعالها ونوامسيها الجديدة. لقد تهيأ لها إنها نحرت رب الإنسانية لتنصب مكانه أصنامها من السياسيين، تعبدهم، وتقدم فروض الطاعة إليهم، وهم يرفسونها، تحتقرونها، ويوغلون في إهانتها.لاعبادة، لأي إله أو صنم غير رب الإنسانية الخالد ابداً...المتسامح، الجامع للكلمة، الموحد للمشاعر والأحاسيس بين البشر.يقول ((كونت هيوم))"يجب عبادة إنسانية الإنسان ذاتها، إنسانية الإنسان المتطورة التي تعني تجاوز الإنسان الحدود والتي عبرت عن ذاتها في أفراد أستطاعوا تحقيق هذا التجاوز في أشكال إيجابية، أي مفيدة في خدمة الإنسانية".إن خلاص المجتمعات المتخلفة من بؤسها وفقرها وتناحرها، لايتم إلا من خلال تحطيم الأصنام المستحدثة من السياسيين الجهلة والأميين، والعودة لوجدانها، إلى ضميرها المستتر، إلى خزينها الحضاري، إلى التراكم الإنساني عبر العصور..إلى ربها الأوحد..رب الجميع..إله الإنسانية.حتى تتطهر المجتمعات المتخلفة من رجسها، وتكفر عن ذنوبها..على كل قومية، وطائفة، وأثنية منها أن تحطم أصنامها من السياسيين. أن تشهر حرابها لنحرهم أمام مذبح الإله الموحد (رب الإنسانية) وأن تكفر من يعبد غير ربها الأزلي عبر العصور..حينها سيرضى عنها الإله..وحينها فقط ستتقدم وتتطور!.يدعو ((كونت هيوم)) المجتمعات المتخلفة إلى:"الإنسانية، الإله المتطور الذي تجاوز فيه الإنسان الآلهة السابقة التي أصبحت غير قادرة على استيعاب وضبط الأوضاع الجديدة. بكلمة أخرى ما يتجاوز الإنسان في الإنسان. الإنسانية التي تجدد ذاتها في المنجزات والممارسات التي تتجاوز فيها ذاتها".السياسة، تراكم خبرات وممارسات وسُبل لإدارة شؤون الدولة والمجتمع للإرتقاء بالإنسان لمراتب أسمى. إنها ممارسات لرجال دولة، لتخصصات وخبرات علمية لإدارة شؤون الدولة والمجتمع.لا لسياسيين جهلة وأميين، وبيادق شطرنج، وعبيد للجاه والمال..لا لسفلة وجواسيس وكائنات مخبرية (فيروسية) حُقنت في وجدان مجتمعات لها تاريخيها ومساهماتها في الحضارة الإنسانية، وظيفتها الأساس إضعاف الوشائج والصلات الإنسانية بين مكونات الإمة، وإثارة النعرات وزرع الفتن بين فئات المجتمع التي تعايشت عبر العصور وجاهدت عبر الأجيال لبناء حضارات تفخر بها الأجيال الحاضرة.هذه الفيروسات المستحدثة من السياسيين المحقونة قسراً في وجدان المجتمعات بغرض إنهاء مقومات حضاراتها، والقضاء على مشتركاتها الأزلية، يجب القضاء عليها، لأنها علة العلل، لتعود الأمة إلى ذاتها، إلى صلاتها الإنسانية المشتركة لتفخر الأجيال القادمة بها.

0 Kommentare:

Kommentar veröffentlichen

Abonnieren Kommentare zum Post [Atom]

<< Startseite